ينقطع الرابط التاريخي الذي جمع بين ماركو رويس وناديه بوروسيا دورتموند مساء اليوم السبت، وذلك عند خوضه آخر مباراة له مع الفريق الألماني بمواجهة ريال مدريد في نهائي دوري الأبطال، بعد 12 عامًا قضاها بين جدران سيجنال إيدونا بارك.
جدد رويس تعاقده مع دورتموند لمدة عام إضافي في نيسان/أبريل 2023، وحينها كان يرى بأنه قام بكل شيء على أفضل ما يرام، حيث قال: “لم يكن هناك أي سبب لعدم البقاء وفيًا للنادي، لا يوجد شيء يمكن مقارنته بالتتويج بلقب الدوري”.
كان الفوز بالبوندسليجا هو الحلم الذي يأمل رويس في تحقيقه مع دورتموند، قبل أن تسلبه منه النهاية الدرامية لموسم (2022- 2023) وفوز بايرن ميونخ باللقب في الجولة الأخيرة بعد تعثر بوروسيا على ملعبه أمام ماينز.
انتهت مسيرة رويس رفقة دورتموند في الدوري دون تتويج، وربما قدر له أن تكون نهايته أفضل مما حلم به الموسم الماضي، بالفوز باللقب الأكبر على صعيد الأندية وهو دوري الأبطال، وهو اللقب الذي شاهد ناديه يتوج به عام 1997 وحينها كان يبلغ من العمر 8 أعوام.
ألم الرحيل
ولد رويس في مدينة دورتموند وانضم لأكاديمية شباب الفريق عام 1996، ولكنه لم يرتدي قميص الفريق الأول حتى عام 2012.
واستعاد رويس ذكريات تلك الفترة ورحيله عن دورتموند في عام 2006: “كان من المؤلم الرحيل، فعندما تقضي حياتك بالكامل في أكاديمية شباب فريق واحد، ترغب في الحصول على الخطوة التالية خاصة لو كنت أيضًا مشجعًا لهذا الفريق”.
ولكن لم ينتهي حلم رويس في حقيقة الأمر، حيث عاد إلى دورتموند من جديد كلاعب العام في ألمانيا، وهو إنجاز حققه رفقة بوروسيا مونشنجلادباخ، وهو النادي الذي رحب بالمخاطرة بالتعاقد معه على عكس دورتموند الذي رفضه بسبب البنية الجسمانية الضعيفة.
لاحظ جلادباخ تألق رويس رفقة روت فايس آهلن على مدار 3 سنوات، وعن التعاقد معه قال ماكس إيبرل، المدير الرياضي لجلادباخ حينها: “أتذكر أن المدرب هانز ماير سألني عن ماركوس وعن ما إذا كان دفع 800 ألف يورو في لاعب يتواجد بالدرجة الثانية يعد ملبغًا كبيرًا خاصة أنه سجل 4 أهداف فقط، وعندما يسأل هانز هذا السؤال، فيجب أن تثار الشكوك بداخلك، ولكن حدسي أخبرني أننا أمام موهبة كبيرة تستحق ذلك المال”.
وبالفعل كان إيبرل على حق، حيث نجح رويس في تسجيل 41 هدفًا وصناعة 28 آخرين في 109 مباريات رفقة جلادباخ، وعلى الرغم من تألق رويس في ملعب بوروسيا بارك، إلا أن قلبه لم يغادر دورتموند أبدًا.
كتابة القصة
اتخذ رويس قراره بالعودة إلى دورتموند في كانون الثانى/يناير 2012 كي ينضم للفريق في الصيف التالي، راغبًا حينها كما وصف بالتواجد في فريق قادر على المنافسة على لقب الدوري والتواجد بشكل دائم في دوري الأبطال، وحينها هاجمه البعض بأنه يستحق خطوة تالية أكبر من تلك.
وكان رد رويس حاضرًا بعد 11 عامًا من تلك الخطوة، حيث قال: “الانتماء للبيت، ببساطة هذه هي الحياة، من الصعب تفسير ذلك لأشخاص لا يعيشون نفس الموقف، الأمر يعني الكثير عندما تقضي حياتك كلها هنا وتحظى بفرصة تمثيل النادي حتى النهاية”.
وزاد: “في مرحلة ما عليك اتخاذ القرار، هل تريد تجربة شيء جديد أو تريد النهاية هنا؟ شعرت دائمًا أنني في بيتي، حتى لو مررت أحيانًا بمراحل صعبة، كنت أعرف أن الأمور رائعة هنا والجمهور يعانقني بأذرع مفتوحة، لم أرغب أبدًا في الابتعاد عن ذلك”.
مسيرة صعبة
يمكن اعتبار موسم (2022- 2023) خير عنوان لمسيرة رويس بعد الخسارة الدرامية للقب الدوري في الجولة الأخيرة.
فرويس خسر نهائي دوري الأبطال موسم (2012- 2013) في الدقائق الأخيرة، وخسر 3 نهائيات متتالية في كأس ألمانيا قبل أن يحقق اللقب أخيرًا عام 2017 وتبعه بلقب آخر في 2021، ولكنه لم ينجح أبدًا في إيقاف هيمنة البايرن على لقب الدوري لمدة 11 عامًا قبل أن ينهي باير ليفركوزن تلك الهيمنة هذا العام.
بالطبع يبقى الفوز بلقبين في كأس ألمانيا أمر غير كاف لمسيرة رويس، ويبقى الألم الأكبر هو مشاهدته لتتويج ألمانيا بكأس العالم 2014 من منزله بسبب إصابته في الكاحل قبل البطولة في موسم تألق خلاله بشدة بتسجيل 23 هدفًا في 44 مباراة بجميع المسابقات.
المرحلة الانتقالية
فسر البعض أن كثرة الإصابات هي السبب وراء استمراره رفقة دورتموند، في الوقت الذي رحل فيه نجوم الفريق أمثال إيرلنج هالاند وجود بيلينجهام بحثًا عن الخطوة التالية في مسيرته، ولكن لم يرى رويس بوروسيا أبدًا بمثابة المرحلة الانتقالية لفريق آخر.
وقال رويس عن ذلك: “قلت دائمًا أن كل لاعب مسؤول عن مسيرته، كان لدينا لاعبين رائعين كان بمقدورنا تشكيل فريق هائل بهم ولكنهم قرروا الرحيل ويجب احترام ذلك، ولكني لم أشعر بنفس الرغبة في السير في ذلك المسار، أردت البقاء هنا بصرف النظر عن أي شيء يحدث”.
ووصلت رحلة رويس مع دورتموند إلى نهايتها بخوض 426 مباراة سجل خلالها 170 هدفًا، نهاية بدأت ملامحها بمنحه شارة القيادة في بداية موسم (2023- 2024) لإيمري تشان، ويستعد دورتموند لفتح أبوابه له في العديد من المهام بعد الاعتزال على الرغم من عزمه عدم الاعتزال بنهاية الموسم الجاري.
النهاية السعيدة
تتبقى مباراة واحدة لرويس رفقة دورتموند والتي يخوضها اليوم أمام الريال، ولطالما تألق الألماني أمام الفريق الملكي، حيث واجهه 7 مرات من قبل في دوري الأبطال.
وحقق رويس أمام الريال 3 انتصارات وتعادلين وخسر مرتين، وسجل 4 أهداف وصنع 2 آخرين، ويأمل في مواصلة التوهج لتوديع دورتموند بأفضل طريقة ممكنة باللقب الأغلى على صعيد القارة العجوز.