تتجه الأنظار يوم 30 من الشهر الجاري صوب ملعب أليانز أرينا، والذي يحتضن كلاسيكو الكرة الألمانية بين بايرن ميونخ وضيفه بوروسيا دورتموند في قمة مباريات الجولة رقم 27 من البوندسليجا.
لا تشبه تلك القمة أي كلاسيكو آخر، ففي إسبانيا أتت قيمة الكلاسيكو من صراع سياسي، وفي الأرجنتين كان أساس التنافس بين ريفر بليت بوكا هو الفوارق الاجتماعية، وكان الاختلاف الديني هو السمة الأبرز في قمة سيلتك ورينجرز في اسكتلندا، بينما استلهم ديربي مانشستر بين السيتي واليونايتد قوته من كونهما يتواجدان في نفس المدينة.
ولكن كحال قمة باريس سان جيرمان ومارسيليا في فرنسا، اكتسبت قمة بايرن ميونخ ودورتموند أهميتها من التنافس المحلي بين الفريقين، حيث نجح الثنائي في الظفر بلقب البوندسليجا 24 مرة في آخر 28 موسمًا مع الهيمنة على اللقب بصورة أوضح للبايرن بكل تأكيد.
ظهور المنافسة
في السنوات الأولى من البوندسليجا، أنهى دورتموند الدوري في المركز الرابع والثالث والثاني والثالث في أول 4 أعوام، وهي أفضل مراكز حققها بوروسيا حتى تسعينيات القرن الماضي، ولكنه بات أول فريق ألماني يتوج بلقب أوروبي في عام 1966 بالظفر بكأس الكؤوس الأوروبية، وهو الإنجاز الذي عادله بايرن في العام التالي مباشرة.
وقضى دورتموند 4 سنوات متتالية في الدرجة الثانية في سبعينيات القرن الماضي، في الوقت الذي توج فيه البايرن بثلاثة ألقاب متتالية في بطولة أوروبا للأندية البطلة، وفي ذلك العقد حقق البايرن أكبر انتصار في تاريخه بالبوندسليجا والذي أتى على حساب دورتموند (11-1).
وفي ذلك العصر كان هناك ما يسمى بالكلاسيكو الأصلي للكرة الألماني بين البايرن وبوروسيا مونشنجلادباخ، بعد هيمنتهما على لقب الدوري لتسعة مواسم.
وتغيرت الأمور في التسعينيات بارتقاء دورتموند للقمة في عصر ذهبي تحت قيادة أوتمار هيتسفيلد، بعد توليه تدريب الفريق في عام 1991، وكان تأثيره سريعًا بإنهاء الدوري في المركز الثاني خلف شتوتجارت بفارق الأهداف فقط.
وفي 6 مواسم تحت قيادة هيتسفيلد لم ينهي دورتموند الدوري في مركز أقل من الرابع، وتوج الفريق بأول لقب له أخيرًا في البوندسليجا في موسم (1994- 1995)، ودافع عن لقبه بنجاح في الموسم التالي.
وعلى الرغم من إنهاء البايرن السلسلة بالفوز بلقب البوندسليجا في موسم (1996- 1997)، إلا أن دورتموند كانت له الضحكة الأخيرة بالتتويج بلقب دوري أبطال أوروبا على ميدان بايرن ميونخ بالذات.
ومنذ ذلك العام بدأ العالم يلحظ ميلاد تنافسًا كبيرًا بين الفريقين، وتجدد الموعد بينهما في دوري الأبطال موسم (1997- 1998) وكانت تلك أول مرة في تاريخ المسابقة يتواجه فيها فريقان من بلد واحد، ونجح دورتموند في حسم اللقاء بهدف دون رد.
ورحل بعد ذلك الموسم هيتسفيلد وتوجه نحو البايرن، وقاد البافاري للقب البوندسليجا 4 مرات في 6 مواسم، في الوقت الذي أنهى فيه دورتموند الدوري في المراكز العاشر والرابع و11 عقب رحيله.
وانقلبت الأمور مرة أخرى على الرغم من نجاح ماتياس سامر في قيادة دورتموند للقب الدوري في الجولة الأخيرة عام 2002 على حساب ليفركوزن.
وشهدت المواجهة الثانية لسامر على رأس القيادة الفنية لدورتموند أمام بايرن المباراة الأعنف في تاريخ البوندسليجا، والتي شهدت إشهار 14 بطاقة.
وهدأت الأمور في السنوات التالية بعدما كان دورتموند قريبًا من السقوط بسبب سوء الإدارة المالية، وتراجع ترتيبه في المواسم التالية، مع مواصلة هيمنة البايرن على اللقب.
ورحل سامر عن تدريب دورتموند بنهاية موسم (2003- 2004) ومن بعدها وحتى موسم (2010- 2011) لم يحقق سوى انتصار واحد أمام البايرن، واستقبل 5 أهداف في 3 مباريات.
عودة للواجهة
استعاد الكلاسيكو بريقه بتولي يورجن كلوب تدريب دورتموند مع لاعبين من أمثال روبرت ليفاندوفسكي وشينجي كاجاوا، وتواجه الفريقان 5 مرات بين موسمي (2010- 2011) و(2011- 2012) حقق خلالها بوروسيا الفوز 5 مرات وآخرهم الفوز (5-2) في نهائي كأس ألمانيا ليحقق دورتموند حينها الثنائية الوحيدة في تاريخه.
وامتد الصراع بين الفريقين ليعود للمستوى القاري بعروض مميزة في دوري الأبطال موسم (2012- 2013) ليتواجها في المباراة النهائية، في لقاء حسمه البايرن بهدف متأخر من أرين روبن، ليتوج في ذلك الموسم بالثلاثية التاريخية كأول فريق ألماني يحقق هذا الإنجاز.
وكانت أبرز ملامح التنافس بينهما في الموسم الماضي، بعدما ذهب سباق التتويج بلقب البوندسليجا بينهما للجولة الأخيرة، والذي حسمه البايرن بهدف متأخر من جمال موسيالا ليتوج باللقب بفارق الأهداف عن دورتموند.