بهذه الكلمات وضع سيرجيو بوسكيتس حدا لمسيرته الطويلة مع برشلونة، شكر خلالها كل من ساهم في وضع موهبته على الطريق، ورعاها وشجعها ودعمها ليتحول هذا الشاب النحيل إلى أسطورة حقيقية.
من القلب النابض لبرشلونة إلى محور الأرض..استمرت الحكاية التي تصاعدت فصولها برفع كأس الليجا وكأس الملك ومعهما السوبر الإسباني.. والانطلاق نحو فضاءات أوروبا وتقبيل كاسها الثمين وما تلاه من سوبر أوروبي ومونديال أندية..قصة تحكى.
وهناك مع اللاروخا كانت أسطورة تروى في مكان آخر، حيث كأس الأمم الأوروبية ومن بعده درة تاج أحلامه..أول وآخر ألقاب إسبانيا في كأس العالم.
15 عاما في الملاعب، لم نسمع ضجيجا لبوسكي، يخوض المباريات بكل سراشة، ويغادر نحو منزله حيث أسرته الصغيرة، واصدقاء الصبا الذين لم يغيرهم أو يتغير عليهم، لم يعرف شقاوة الليل كالكثير من نجوم الكرة المشاهير، ولا وقف في محكمة للدفاع عن نفسه من تهمة تخص سلوكه، ولم يرسم وشما على جسمه أو يغير في شكله وحتى تسريحة شعره، فبوسكيتس الذي دخل بوابة الكامب نو شابا يافعا، هو نفسه بوسكيتس الذي يستعد لمغادرتها قائدا وملهما للفريق.
هو يشبه كثيرا زميلاه تشافي وأنييستا، وكأنهم توأم ثلاثي متطابق في الفكر والروح وعشق الكرة والبارسا، ثلاثي كان الأعظم في خط الوسط، عزف أروع الألحان على البساط الأخضر، وانتزع الإعجاب من عشاق برشلونة ومنافسيه، فاستحق بالفعل هذه النهاية التي اختصرت تاريخا يسطر في الانتماء والعطاء وتجاوز العثرات بابتسامة تؤكد أن القادم أجمل.
سنفتقد بوسكي كما افتقدنا تشافي وأنييستا بقميص برشلونة، وسيبقى هذا الأسطورة خالدا في قلوب عشاق البلوجرانا واللاروخا، وسيمنح الكثير من الشباب أملا في أن يحقق أحلامه بالعمل والمثابرة والتركيز على اللعبة، فالعطاء يولد العطاء..والعظمة تنحتها التجارب.
سيبقى على قائد البارسا مهمة أخيرة في حمل كأس الليجا ووضعه إلى جانب الألقاب الكثيرة التي ساهم فيها، ليكون الوداع الأخير لملعب كان الشاهد على أسطورته، ولجمهور اعتاد على الهتاف باسمه وتحيته ومبادلته العشق.
نأمل بأن تكون آخر محطات هذا النجم في دولة عربية، تكون شاهدة على كلمة الختام لمسيرة طويلة، يسير خلالها على أثر نجوم سبقوه، مثل زميله تشافي الذي اختتم مسيرته مع السد القطري، ومنافسه خلال فترة ذهبية مع ريال مدريد كريستيانو رونالدو الذي يخوض تجربة استثنائية مع النصر السعودي، وقد يلحق بهم زميله السابق ميسي الذي ما زال يقلب الفكرة في انتظار الحسم.