د. جابر يحيى البواب
يوم التسامح : هو يوم دعت اليه الجمعية العامة للأمم المتحدة ” عام 1996 م ” الدول الأعضاء إلى الاحتفال به في 16 نوفمبر من كل عام، من خلال القيام بأنشطة ملائمة توجه نحو كل من المؤسسات التعليمية وعامة الجمهور (القرار 51/95)؛ وجاء هذا الإجراء في أعقاب إعلان الجمعية العامة في عام 1993 بأن يكون عام 1995 سنة الأمم المتحدة للتسامح (القرار 48/126).
وأعلنت هذه السنة بناء على مبادرة من المؤتمر العام لليونسكو في 16 نوفمبر 1995، حيث اعتمدت الدول الأعضاء إعلان المبادئ المتعلقة بالتسامح و خطة عمل متابعة سنة الأمم المتحدة للتسامح ؛ وتوجز وثيقة نتائج مؤتمر القمة العالمي لعام 2005 (القرار 1/60) ، التزام الدول الأعضاء والحكومات بالعمل على النهوض برفاه الإنسان وحريته وتقدمه في كل مكان ، وتشجيع التسامح والاحترام والحوار والتعاون فيما بين مختلف الثقافات والحضارات والشعوب.
يعتبر التسامح من الفضائل التي حبانا بها الدين الاسلامي ,الذى يناشد بالتسامح والعفو كما يدعو الي مسامحة العدو ان جاء خاضعا مستسلما مدركا لما اقترفه من ذنب في حق الابرياء والشعوب المغلوب على امرة الصامد الصابر, لقد اصبح التسامح من صفات الفرد المسلم وبالتالي فهي من صفات الرياضي ؛ لأنه أي التسامح يحمي العقل والجسد ويعطي النفس التي كانت تأمر بالسوء فرصة للتوبة وتصحيح الخطأ بالصواب ولأنه بالأساس من الخلق التي تميز بها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إنّ النّاظر والمتأمّل في سيرة النّبي عليه الصّلاة والسّلام يُدرك عظمة الأخلاق التي تحلّى بها النّبي الكريم في سنين حياته ودعوته والتي ظلّت نبراساً تهتدي به الأمّة في سعيها نحو كمال الأخلاق وسموّها، وسبيلاً لنيل الدّرجات، وتحقيق رضا الله سبحانه وتعالى والفوز بالجنّة، قال تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً).
على الرغم من أن الرياضة شيء مهم يحث عليها الإسلام؛ تطبيقا قلَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( الْمُؤْمِنُ الْقَوِىُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِى كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلاَ تَعْجِزْ وَإِنْ أَصَابَكَ شَيءٌ فَلاَ تَقُلْ لَوْ أَنِّى فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا. وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ )،والقوة والضعف في كل مجال من المجالات الحياة رياضية اقتصادية ثقافية ..
لكن التعصب لقضية ما أو لمجال من المجالات وخصوصا مجال الرياضة الذي هو مجال وجهة النظر هذه ، من الامور التي تنافي تعاليم الدين الاسلامي وتخالف سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ والذي يؤسف له في كرة القدم على وجه الخصوص أن الممارسين للعبة وعددهم بضعة وعشرون فردا يصولون ويجولون في الملعب وآلاف مؤلفة تنظر إليهم في ” الإستاد ” وملايين قابعة أمام التليفزيون تشاهدهم؛ نجد الكثر من المتعصبين المتطرفين الذين يتسببون في كثير من الكوارث والاحداث التي قد تصل الى القتل والتدمير والتخريب ، نتيجة لفقدانهم صفة التسامح وتمسكهم بالغلوى والتعصب ، ولو انهم مارسوا اللعبة بأنفسهم وامتلكوا الروح الرياضية ، وأتبعوا سيرة الرسول الاعظم صلى الله عليه وسلم وحافظوا على اوقات الصلاة، وتركوا التعصب لتمتعوا بالرياضة وانشطتها واستمتعوا بممارستها واكتسبوا صحة بدنية ونفسية وحافظوا على حياتهم وممتلكاتهم وافكارهم من التدهور والضياع والخسارة.
وحين نصف واقع مشجعي كرة القدم خاصة؛ نجد ظاهرة التطرف واضحة جدا في تصرفاتهم، والتطرف ظاهرة سلوكية اجتماعية لها امتداد كبير في مجتمعاتنا العربية والإسلامية؛ فالتطرف قد يكون في العاطفة، وقد يكون في السلوكِ، ونحن بحاجة إلى ثقافة الوسطية التي جاء بها الإسلام، ودعا إليها، قال تعالى( وكذلك جعلناكم أمة وسطا)؛ والإسلام دين الاعتدال أيضا، وهو يدعونا إلى الاعتدال في كل شيء، في الطعام والشراب، وفي السلوك، والعاطفة؛ ولكي يصل الإنسان إلى الاعتدال في التشجيع والمشاهدة، فإن عليه أن يراعي عددا من الأمور منها :أن يدرك أن الهدف من المشاهدة؛ هو مجرد التسلية والترويح عن النفس، وأن التعصب في التشجيع يسوق إلى الحرام ؛ من السب والشتم وغير ذلك؛ مما هو منهي عنه؛ أن التعصب لمشاهدة مثل هذه الألعاب يشغل المسلم عن أداء أشياء أكثر إفادة على المستوى الفردي والجماعي، كما أنه يعود بالضرر على نفسية الإنسان، مما يولد تعصبا ليس في التشجيع فحسب. ولكن في كثير من الممارسة اليومية في الحياة؛ التعصب والتطرف يفقدنا صفة التسامح التي هي من صفات المؤمن والتي تحلى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم.