اخبار عالمية

صديق رونالدو..موهبة لم تقدّر ونهاية مؤلمة

By عدنان العصار

September 26, 2019

مع بزوغ شمس السادس والعشرين من سبتمبر عام 1983، أخرجت إلينا مدينة لشبونة البرتغالية أحد مناجم الذهب، ذهب من نوع آخر..ليس أصرا لامعا، وإنما يتوهج فوق العشب.

ريكاردو أندرادي كواريزما برناردو، الشهير بـ”ريكاردو كواريزما”، الطفل التي أطلت صرخته على ساحل المحيط الأطلسي قبل 35 عامًا، لم يكن يعرف والداه أن عقولًا ستُجن من سحره لاحقًا.

تحولت الصرخة بعد أكثر من عام إلى كلمات تكاد تُفهم من والديه، وسُرعان ما تحركت الأقدام وركضت في المنزل، حتى مرت السنوات وبدأت قدماه الصغيرتان تُداعب تلك الكرة المستديرة.

معالم الموهبة بدأت ترتسم على أقدام الصغير ريكاردو، وخلال سنوات قلائل بدأ الفتى في الاقتراب أكثر من حلمه.. احتراف كرة القدم بات غاية لا بُد منها.

بداية المشوار

الوالدان أدركا شغف الابن بكرة القدم، ودفعا به ليبدأ رحلته ضمن أكاديمية أحد النوادي الصغيرة.. عامان فقط وجذب أنظار فريق المدينة “سبورتنج لشبونة”.

الحلم بدأ في التضخم.. الصغير ريكاردو ينضم إلى أكاديمية سبورتنج لشبونة، 7 سنوات حتى بلغ الفتى عامه الـ18، وهنا حانت اللحظة التي راودته في الليالي الكالحة، فمدرب الفريق الأول يأمر بتصعيده.

سعادة غامرة ملأت قلب الساحر الصغير، فالعروض التي دأب على تقديمها في الفئات الأدنى، حان الوقت لتخرج إلى مسرح جديد، أوسع وأضخم، حيث يرى المريدون بوادر السحر الذي سيزأر به ابن لشبونة داخل المستطيل الأخضر خلال سنوات.

رفقة ساحرة وفريقان كبيران

في ذلك الوقت كانت العلاقة بدأت تتوطد مع أحد الأصدقاء، الذي تبادل معه سحره وشاركه في نثره لسنوات داخل الأكاديمية.. فتى مجنون يُدعى كريستيانو رونالدو.. قال عن نفسه ذات مرة أنه سيصبح أفضل لاعب في التاريخ!.

تشارك الصديقان غرفة ملابس الفريق الأول، بعد سنوات من الرفقة في فئات الشباب.. الساحران أخرجا بعضًا من الابتكارات والخدع التي تسلب العقول، ابن ماديرا يطلبه مانشستر يونايتد وفتى لشبونة يتلقى عرضًا سخيًا من برشلونة.

افترق الصديقان.. كريستيانو ذهب لقلعة الشياطين، وريكاردو حان وقته لكي يصبح جزءًا من كلاسيكو شهير تغنى به الإسبان لسنوات.

رحلة لم تستمر..وعرض ساحر

رحلة ريكاردو في كتالونيا لم تدم لأكثر من عام.. تعطل فيها السحر وفشلت المحاولات، ولم يحصل من حمل ظهره اسم “كواريزما” على فرصة للاستمرار طويلًا في كامب نو، ليعود بخفي حُنين إلى أرض البرتغال في العام التالي.

هنا خاصم جزء من أرض لشبونة الابن المدلل بعدما قرر اللعب لصفوف بورتو، حيث قلعة التنين.. حينها أفرغ الساحر غضبه في الملعب الجديد.

صولات وجولات.. عروض ساحرة تخللها فقرات ثابتة أولها “رابونا” لم تغب شمسها عن أي مباراة، ووجه قدم خارجي لم يكل من مداعبة الكرة بتمريرة أو تسديدة أو عرضية بطريقة غير مألوفة على عشاق المستديرة.

ملعب التنين تحول إلى مسرح للعروض الساحرة.. لم يشأ كواريزما أن ينفرد صديقه بسحره في مسرح أحلام مانشستر.. وجاءت الرسالة من أرض البرتغال “ساحر جديد ظهر بين صخب صيحات التنين”.

ارتداء زي الأفاعي..ولكنّ

4 سنوات كانت كفيلة بتحرك رجل أطلق على نفسه وصف “استثنائي”، قرر انتشاله من ملعب التنين، لمنحه زي الأفاعي بوصف جديد “لاعب إنتر ميلان”.

البداية كانت حالمة والسحر بدأ مبكرًا في جوزيبي مياتزا، وقلب جوزيه مورينيو يرقص فرحًا لصفقته الناجحة، لكن أمواج الفرحة انكسرت بعد أسابيع، ليلازم ريكاردو مقاعد البدلاء، قبل أن يُرسل بعد أشهر معارًا إلى تشيلسي.

الصفقة طلبها لويس فيليبي سكولاري آنذاك، لمعرفته عن قرب بسحر كواريزما، الذي لعب تحت قيادته في البرتغال لـ 5 سنوات، لكن لسوء حظه، أقيل المدرب البرازيلي وجاء هولندي لا يحمل بداخله أدنى شيء من التقدير والاحترام لموهبته، فظل جالسًا على الدكة حتى انتهاء الإعارة القصيرة.

هنا اهتزت الثقة داخل الفتى الساحر.. الموهبة والخدع التي اعتاد عليها لم تعد تشفع له ولم تحمله إلى حيث يريد.. بينما صديقه عانق كرة ذهبية أولى قبل بضعة أشهر، وبدأوا يصنفونه ضمن أفضل اللاعبين في تاريخ الدوري الإنجليزي، بينما هو يحصل على عرض من الدوري التركي!.

صحب كواريزما سحره إلى الأراضي التركية بألوان بشكتاش، ولم تنقطع عروضه الممتعة عنه، بل أصبح معشوقًا للجماهير المجنونة هناك، قبل أن يخوض رحلة قصيرة للغاية في الإمارات، ثم عاد بعدها إلى بورتو من جديد.

بريق يخفت

سنوات كانت كفيلة بأن يخفت بريق الساحر.. وهناك سحرة جُدد والعالم بدأ في نسيانه والرابونا لم تعد جاذبة للأنظار كما كان قبل سنوات، ووجه القدم الخارجي الذي تغنوا به لم يعد ذا بريق يجذب العشاق.. السنوات تمر وصديق رونالدو تائه في غيابات الجُب.

ستمضي الرحلة إلى نهايتها والساحر لم يحسن طرق أبواب عاشقيه، ليُغلق الستار قريبًا وفتى لشبونة خلفه يعض أصابع الندم، لتعود به الأيام لتدارك ما فات.. لكن ليت كل ما يتمناه المرء يُدركه، وسنودع أحد سحرة العشب الأخضر قريبًا دون أن ننهل من سحره الكثير، لعل أن يعوضنا أحدهم عما فات.