الدوري الاسباني

أين سيلعب جريزمان ؟ ومن سيدفع الثمن ؟

By عدنان العصار

May 24, 2019

تحليل- محمد العولقي

* مازالت توابع زلزال ليفربول تضرب بقوة في محيط نادي برشلونة، بعد الخروج المهين من نصف نهائي دوري أبطال أوروبا، التوابع تمثلت في رفض شعبي عارم لخيارات المدرب آرنستو فالفيردي، ورفض جماعي لشماعة الطراوة البدنية التي علق عليها المدرب سبب الإخفاق الكارثي.

رباعية ليفربول التاريخية في الأنفيلد يراها الفنيون والمحللون نتاجا طبيعيا للاعبين غير منضبطين تكتيكيا، خاضوا المباراة الكارثة بشكل أرعن.

جاء هذا اللاعب أو غاب ذاك اللاعب لا تقولوا لي شيئا عن منظومة اللعب، إذا حضر ليونيل ميسي وجد كل شيء، على الأقل نرى البارسا فريقا مرعبا وليس حملا وديعا، هذه العبارة من بنات أفكاري، لكن ريمونتادا ليفربول عرت وسط وهجوم برشلونة الذي كان يتكئ على ميسي وحده في دوري أبطال أوروبا، وعندما غاب الوحي عن ميسي كسفت شمس برشلونة بشكل يؤسف له على كل حال.

لهذا السبب أتفهم أن تلجأ إدارة برشلونة إلى ابتلاع الخيبة الأوروبية بإعادة محاولة التعاقد مع المهاجم الفرنسي أنطوان جريزمان نجم أتلتيكو مدريد والراحل عن فريقه بالتراضي.

جريزمان

كان جريزمان الموسم الماضي على رادار برشلونة، سعى النادي الكاتالوني بكل ما أوتي من قوة لجلب اللاعب الفرنسي إلى الكامب نو، لكن جريزمان ارتأى دخول نهائيات كأس العالم بروسيا الصيف الماضي بذهن صاف وتوازن نفسي يجنبه الدوران في حلقة الشد والجذب، لذا اختار البقاء في الأتلتيك في اللحظة الأخيرة.

وضع جريزمان اليوم مختلف تماما عن العام الماضي ، فقد حزم حقيبة الرحيل وقرر مقاطعة الريخو بلانكوس، ورغم هذا الطلاق المبين بينه وبين فريقه المدريدي تبدو محطته القادمة حتى الآن غير واضحة بعد دخول باريس سان جرمان ومانشستر سيتي على الخط ف،ي حين ينتظر جريزمان إشارة من البرسا لإحياء حلمه القديم.

الشيء الثابت في قصة رحيل جريزمان عن الأتلتيك بعد أربعة مواسم تأرجحت فيها حظوظ الفريق بين الأفراح والأتراح أن جريزمان ضحى بسطوته الكبيرة في الأتلتيك ليحقق حلم الالتحاق بفريقه المفضل برشلونة.

وإذا كان جريزمان يتلهف لإنهاء الصفقة واللعب إلى جوار ليونيل ميسي، فإن برشلونة بعد زلزال الأنفيلد يبدو بحاجة إلى صفقة كبيرة من العيار الثقيل تخرج الجمهور البرشلوني من حالة الإحباط المسيطرة عليه، رغم السيطرة المطلقة على البطولات المحلية.

السؤال الذي يطرح نفسه بعد اقتراب جريزمان من برشلونة بنسبة كبيرة ، هل اندفعت إدارة برشلونة نحو جريزمان لإجهاض ثورة جماهيرية تهدد مستقبل الإدارة، فأرادت بهذا الصفقة إخماد الثورة في مهدها..؟

السؤال العملي الأهم: هل برشلونة فعلا بحاجة ماسة إلى لاعب كبير مثل جريزمان يضيء عتمة كل المساحات في الأوقات التي يافل فيها نجم ميسي ..؟

كوتينيو

كوتينيو .. ضحية الصفقة المتوقعة ..

المسألة المرهقة التي تواجه إدارة برشلونة حال مضت في الطريق الوعر ، كيف سيتم تمويل صفقة التعاقد مع أنطوان جريزمان ودفع الشرط الجزائي للأتلتيك، لأجل اخلاء سبيل بطل العالم والبالغ 120 مليون يورو عدا ونقدا ..؟

يواجه برشلونة متاعب مالية كبيرة للبقاء ضمن منطقة اللعب المالي النظيف أوروبيا ، وهو لا يستطيع جلب جريزمان بكل ثقله المالي إلا إذا تخلص من لاعب أو لاعبين يضمنان دخلا يسمح بتمويل صفقة جريزمان.

بنظرة خاطفة على غرفة برشلونة المليئة بكوابيس ليلة الأنفيلد ، يبدو أن كبش الفداء سيكون البرازيلي فيليب كوتينيو القادم من ليفربول بصفقة قياسية قدرها 130 مليون يورو بالتمام والكمال.

أما لماذا كوتينيو تحديدا وليس عثمان ديمبلي أو لويس سواريز ..؟، فلأن البرازيلي بات منبوذا من جماهير برشلونة ، والعدو رقم واحد لها ، ففي كل مرة يلعب في الكامب نو تنطلق صفارات الاستهجان كالموج، ثم تخرج المناديل مع فاصل من الشتم واللعن ، وهو أمر غريب لم يحدث مع لاعب من قبل.

وإذا كان شهر العسل بين كوتينيو وبرشلونة يقترب من الانتهاء ، فإن هذه الصفقة بكل حمولتها المالية و إرهاصاتها الفنية فاشلة على مقياس الأرقام التي لا تكذب ولا تتجمل.

سيضطر برشلونة لعرض كوتينيو على باريس سان جرمان بعد أيام قليلة ، وسيدفع 120 مليون يورو للأتلتيك لتحرير جريزمان نهائيا ، وربما يوفر 30 مليون يورو أخرى تجعل موقفه سليما أمام قواعد اللعب المالي النظيف.

توجس وقلق وترقب في غرفة برشلونة..

استنادا إلى تلك المعطيات يبدو جريزمان على مرمى حجر من الانضمام لبرشلونة لتدعيم الوسط والهجوم ، خصوصا وأن بوادر الشيخوخة تظهر واضحة على تركيز لويس سواريز أمام المرمى ، ثم إن برشلونة بحاجة إلى نفس جديد يخفف الأعباء المتراكمة على كاهل القائد ليونيل ميسي في المنافسات الأوروبية ، فقدوم جريزمان المتوقع للكامب نو لن يكون للنزهة في لا ليغا أو الكوبادريه ، بل سيكون هدفه دوري أبطال أوروبا الموسم القادم دون سواه ، فقد أصيب برشلونة بتخمة محلية ، في حين يبحث عن وجبة دسمه تشبع جوعه الأوروبي الذي طال.

نعم.. ارتفعت بعض الأصوات من داخل غرفة ملابس الفريق تنادي بعدم جدوى التعاقد مع أنطوان جريزمان السهم الفرنسي الأشقر ، ونعم هناك من داخل الإطار الفني من ليس متحمسا للصفقة المرتقبة ، وللطرفين المعارضين أسبابهما التي لا يجب أن تمر مرور الكرام.

الطرف الأول: وهم بعض لاعبي برشلونة ، الذين يخشون دكة الاحتياط أو التسريح هذا الصيف ، وهم يرون أن قدوم لاعب كبير مثل جريزمان إلى غرفة الملابس قد يثير بلبلة نفسية يصعب السيطرة عليها ، خصوصا مع راتبه الضخم الذي سيكون الأكبر في الفريق بعد ليونيل ميسي طبعا.

الطرف الثاني: وهم الفنيون يخشون أن تعم الفوضى التكتيكية داخل الفريق مع تضارب المهام بالنظر إلى أن جريزمان ليس مهاجما كليا ، بل هو لاعب ساقط يلعب خلف المهاجم كما يفعل مع منتخب فرنسا وفريقه أتلتيكو مدريد

* أين سيتموضع جريزمان ..؟

إنها بالفعل ورطة تكتيكية خطيرة واشكالية فنية قد تكون سلاحا ذا حدين ، ففي الواقع أن التحشيد الهجومي سيكون على حساب صلابة الوسط الذي يعاني أصلا من تصدع مع الحالة المزاجية لإيفان راكيتتش، و الإعياء الفني الظاهر على سيرجيو بوكسيتش مع تقدمه في العمر ، وحالة التوهان للبرازيلي آرثور، وكذا الانفعال المسيطر على فيدال ..

ترى أين سيتموضع أنطوان جريزمان ..؟

هل في عمق الوسط خلف سواريز ؟ ، وعندها قد يقل منسوب تحركات ليونيل ميسي في العمق مكتفيا بدوره في الميمنة ، وهذا التحنيط لميسي في اليمين فقط غير منطقي أبدا ..

هل سيلعب جريزمان في اليسار على أن يكون سواريز رأس الحربة وميسي في اليمين ..؟ قد يبدو حلا يساهم في الإبقاء على توهج ميسي الذي سيؤدي دورين مزدوجين في آن واحد (يمينا وعمقا).

لكن هذا الحل سيكون تقزيما للأدوار التي اعتادها جريزمان كمهاجم مزور يأتي من الخلف كصانع وهداف ، ثم إن هذا الحل سيكون في الغالب على حساب عثمان ديمبلي المتمرس في هذا التموضع.

مشكلة تكتيكية فعلا ، هل سيضطر آرنستو فالفيردي إلى إشراك جريزمان مهاجما ، مع الاعتماد على ميسي يمينا وديمبلي يسارا ؟ ربما كان حلا يتقي من خلاله المدرب غضب ديمبلي ، لكنه في نفس الوقت سيكون خسارة على مستوى مراقصة الشباك.

سواريز

لويس سواريز مهما انخفض مستواه وقل حدسه التهديفي يبقى المهاجم الذي يفضله ليونيل ميسي ، فهو قنطرة عبور تساهم في فتح الثغرات أمام ميسي ، وهو عمل قد لا يستسيغه جريزمان الباحث عن بصمه تقيه ردة فعل جمهور برشلونة ..

حسنا ، هل يفكر فالفيردي في منح ميسي طراوة تمنع استنزافه قبل الأوان، خصوصا وميسي دخل بالفعل عامه الثاني والثلاثين؟

هل يمكن أن يجازف فالفيردي ويشرك ميسي مهاجم صندوق بهدف منح جريزمان دور القائد من الخلف؟

حل سهل على الورق لكنه في الواقع أقرب إلى المستحيل ، فليس هناك مدرب عاقل يسجن لاعبا مثل ميسي في الصندوق، وهو اللاعب الذي يوزع كراته من العمق للمهاجمين في لفافة حلوى ، فمهما كانت قدرات جريزمان في منطقة صانع الألعاب، فلن تصل إلى مستوى قدرات ميسي المدهشة على تفكيك دفاعات الخصوم بكراته المسمومة لا تحتاج من المهاجم سوى نفخة أو بوسة.

* شاكلة4/2/3/1 الحل الوحيد للخروج من مأزق جريزمان المرتقب ..

ما الحل إذن لفك التشابك التكتيكي في الثلث الهجومي لبرشلونة في حال وصل جريزمان للكامب نو هذا الصيف؟

كيف يستطيع فالفيردي الحفاظ على كيان هجومه بعد أن يضاف لهذا الكيان ثقل كبير مثل جريزمان؟

إذا كان المدرب فالفيردي مقنعا بأنه لا يستطيع الاستغناء عن أحد أضلاع ثالوثه الرهيب ميسي – سواريز – ديمبلي ، فليس أمام المدرب إلا اللعب بشاكلة 4/2/3/1 ، وهي الطريقة الوحيدة التي ترضي جميع الأطراف وتستوعب الرباعي المثير ، باعتماد لويس سواريز كمهاجم صندوق كما اعتاد ، ومن خلفه الثلاثي الخطير : ميسي في اليمين ، وديمبلي في اليسار ، وخلفهما يأتي جريزمان كرأس مثلث يساهم من العمق في الزيادة العددية مع سواريز في المباريات التي تتطلب كثافة هجومية.

يمارس برشلونة طريقة اللعب 4/3/3 الكلاسيكية ، ولو واصل فالفيردي اعتناقها توجب عليه الاستغناء عن ديمبلي في اليسار أو سواريز في عمق الهجوم .. كما قلت : على الورق سيمنح قدوم جريزمان فريق برشلونة حلولا هجومية عديدة ، لكن الخطورة من أن تتحول هذه الحلول الكثيرة من نعمة إلى نقمه في يد المدرب فالفيردي ، فنحن هنا نتحدث عن خيارات هجومية تستوجب التضحية بأحد الضلعين سواريز أو ديمبلي.

وإذا كان ديمبلي رغم موهبته وسرعته الخارقة هو الحلقة الأضعف مع قدوم أنطوان جريزمان ، فسيبقى الخطر محدقا بغرفة ملابس برشلونة ، فليس ديمبلي وحده من سيلعب دور مستصغر الشرر ، فهناك سواريز وربما مالكوم وآخرون في الوسط قد تبتلعهم صفقة جريزمان بلا رحمة ..!