أن تخوض أسوأ مبارياتك في موسم كامل، وتحقق الانتصار بثلاثية نظيفة، حالة يصعب تفسيرها فنيا في حال لم يكن لديك لاعب اسمه ليونيل ميسي.
فهذا البرغوث الماكر، حمل فريق برشلونة على عاتقية، وهو يكافح ناطحات السحاب الحمراء، وينسل بينها غير آبه بصلابتها وقدراتها الهائلة، وينهض بفريقه من ركام الأداء السيء، والأخطاء الكارثية التي ارتكبها مدربه فالفيردي، لانتصار كبير بكل المقاييس.
فالفيردي فاجأ الجميع..أصدقاء وأعداء بتشكيلة الذي فكّر كثيرا من خلاله بالدفاع، وعدم السماح لهجوم ليفربول باكتساح مرمى تير شتيجن، ونسي أو تناسى مجموعة من النجوم القادرين على إلحاق أقصى الأذى بليفربول، حيث بالغ في إبقاء راكيتيتش وبوسكيتس – المتراجع – وفيدال في المباراة، وبقي معتمدا على أسلوبهم الدفاعي المحض، تاركا الأمور لميسي في إحداث الفارق وتحقيق الحسم.
الظروف الصعبة لم تكن في مصلحة ميسي، فعامل السرعة والإسناد كان شاقا، خاصة مع تمريرات بوسكيتس وراكيتيتش وفيدال الضعيفة أو المقطوعة، والتي اضطرته أحيانا كثيرا للعودة للخلف، لبدء الإيقاع الهجومي من مناطق بعيدة، وحتى التعديلات المتأخرة التي أجراها فالفيردي لم تكن في مصلحة الأداء الهجومي، حيث سحب كوتينيو وأدخل سيميدو، ليقضي على الجبهة اليسرى تماما بإشغالها من قبل فيدال البطيء ذو الدور الدفاعي، ويزيد العبء على ميسي وسواريز بالتحديد في القيام بالعمليات الهجومية وسط انشغال باقي الفريق في الدفاع.
قد يتحمل كلوب مسؤولية ما حدث لليفربول من ناحية الرسم التكتيكي الهجومي للفريق، حيث ظهرت عيوب التمرير والكرات العرضية التي تفتقد للدقة، والتي ساهم التنظيم الدفاعي الشديد لبرشلونة في إنهاء خطورتها، ووضح أن محاولات صلاح وماني يغلب عليها طابع الاجتهاد الشخصي، أكثر من البناء الخططي، والذي أبقى مرمى شتيجن عصيا على التسجيل، ووقف الحظ بجانبه في كرة صلاح التي تصدى لها القائم نيابة عنه.
تحركات ميسي في المباراة كانت مدهشة، وإشغاله لأكثر من 4-5 مدافعين في كل انطلاقة، فتحت المساحات أمام سواريز وكوتينيو لحرية الحركة، والتمرير السليم، ولو كان اللاعبان في مستواهما الحقيقي، لكانت النتيجة مضاعفة، لكن بقي ميسي وحده ثابتا على مبدأ البطولة، فتحرك في الفراغ بالهدف الأول، وسجل الثاني بذكاء المتابعة، وكان الثالث إيقونة ساحرة، بعد أن سدد كرة ثابتة مركزة، قضى فيها على الحارس أليسون بيكر الذي فعل كل ما ينبغي للتصدي لها، من أخذ الخطوات اللازمة ثم التحليق، ولكن الدقة العجيبة لقدم ميسي في التسديد تغلبت عليه وعلى كل إمكانياته ومواصفاته الكاملة كحارس مرمى.
انتهى الشوط الأول، وبات على برشلونة خوض الشوط الأصعب هناك على الإنفيلد، ويبدو أن فالفيردي كان يفكر كثيرا في مباراة الرد أكثر من تفكيره في مواجهة الكامب نو، فدافع باستبسال، ليصل إلى الأنفيلد بحظوظ وافرة، وهناك قد تكون التعديلات أكثر وضوحا على التشكيل والتخطيط، وسيبقي للقائد ميسي ذات الخصوصية بكوكبه الخاص، بعيدا عن قدرات أقرانه من البشر، عله يحقق حلما طال انتظاره لأنصار البارسا في رؤيتهم مجددا بالمباراة النهائية، وعلى الأرض الإسبانية في أغلى البطولات الكروية.