هل يلعب برشلونة باسمه وتاريخيه فقط؟
ما دفعنا لهذا السؤال الخلافي، تلك العجائب التي تحدث مع النادي الكتالوني في موسم يعد الأكثر غرابة في الحقبة الأخيرة سواء للنادي نفسه أو للمنافسين في إسبانيا وحتى أوروبيا. فريق تراجعت قواه كثيرا في عهد مدربه الحالي إرنستو فالفيردي، وبات يقدم أداء تقليديا تغلب عليه الركاكة بتمريرات قصيرة مملة، وتحركات عبثية مع إصرار على الدخول من عمق مربع الخصم اعتمادا على المهارة الفردية، وبعيدا عن التكتيكات التي ألفناها عن بطل إسبانيا في عهد المدربين السابقين وعلى رأسهم جوارديولا وأنريكي. ورغم الطريقة المملة التي بدأت تثير في نفس عشاق البرسا حالة من الضيق، إلا أن الفريق ما زال يتصدر الليجا، ووصل إلى قبل نهائي الكأس، وسيواجه ريال مدريد بحظوظ معقولة رغم التعادل بهدف لمثله على الكامب نو، كما أنه يمتلك فرصة كبيرة للمرور نحو ربع نهائي دوري أبطال أوروبا بعد أن عاد من معقل ليون بتعادل سلبي. حافظ فالفيردي على ذات الوجوه، مطعمة بالصفقات الجديدة سواء في بداية الموسم أو وسطه، وأصر على اللعب بذات النهج التقليدي بعيدا عن المغامرة أو البحث عن طرق جديدة، ينعش فيها رئة الفريق المثقلة بغبار معارك كادت أن تعصف به في عدة نزالات. بعد 24 مرحلة من الليجا، خسر برشلونة 18 نقطة بـ 6 تعادلات وخسارتين، ورغم ذلك ما زال متصدرا، بسبب الحالة غير الطبيعية التي يمر بها غريمه التقليدي ريال مدريد، الذي خسر حتى الآن في الليجا 7 مباريات وتعادل في 3 وخسر بذلك 27 نقطة، ولو أنه لم يخسر من جيرونا في المرحلة الأخيرة، لكان بإمكانه العودة للمنافسة بقوة في حال حقق الفوز في كلاسيكو الليجا الذي سيقام في الثاني من الشهر المقبل. كما أن أتلتيكو مدريد وإشبيلية رميا القفاز مبكرا، بعد أن طاردا برشلونة في المراحل الأولى، وأدمتهما الخسائر من هنا وهناك. في كأس الملك، تعثر برشلونة مرتين أمام ليفانتي وإشبيلية ذهابا، واستعان بجمهور الكامب نو للاستفاقة وتحقيق الريمونتادا مرتين، لكن هل بالإمكان الاستمرار على ذات النهج؟ فالفيردي ليس بريئا في الوضع الذي وصل له برشلونة، فطريقة خياراته للاعبين تبدو عجيبة، حيث يصر دوما على الصاق تهمة الظهير الأيمن بسيرجيو روبيرتو وإلقاء البرتغالي سيميدو خارجا، رغم أهمية وجود اللاعبين معا على الميمنة، ومنح راكيتيش الراحة التي يحتاجها، كما أنه يعتمد أكثر من اللازم على فيدال البطيء مقارنة بأسلوب الفريق، فيما تظهر معضلته الكبرى في الخيار الهجومي، بعدم الاقتناع بالبرازيلي الشاب مالكوم، والإصرار على لويس سواريز الذي فقد ذاكرة التسجيل ولمس الكرة. فالفيردي فشل ببث الحماس في روح البرازيلي الآخر كوتينيو، واستغلال سلاح ديمبلي بالشكل المطلوب، إلى جانب مسؤوليته في استقطاب لاعب انتهت صلاحيته مثل بواتينج لمجرد إراحة سواريز..الذي لم يسترح نهائيا، كما أنه يقف صامتا على الخط، لا يحرك ساكنا أمام طعنات الخصوم وفشل نجومه في التسجيل، وأقصى ما يقوم به تغيير تقليدي لذات المركز، بعيدا التعديلات التكتيكية داخل الملعب أو خارجه. تراجع المنظومة المحيطة بميسي، ارتدت سلبا على البرغوث، الذي تحول للاعب عادي في المباريات الأخيرة، وبات يستسلم بسهولة للحصار الذي يفرضه مدافعو الفرق الأخرى، دون وجود من يتحرك بالقرب منه لتخفيف الضغط عنه ومنحه المساحات التي يحتاجها للانطلاق وتسجيل الأهداف. برشلونة ما زال حيا في البطولات الثلاث، لكنه في مواجهة تهديد خطير، فقد تأتي الرصاصة بشكل مباغت سواء على الكامب نو أو غيره، وينتهي الحلم الكتالوني الكبير، بالعودة لرفع الكأس ذو الأذنين، أو تكرار مشهد التتويج بالليجا وكأس إسبانيا، فهل يقوم فالفيردي بما ينبغي عليه، ويخرج البارسا من هذه الحالة العجيبة؟