دوري ابطال اوروبا

نهاية حقبة .. خطة باهظة لترميم جراح جوارديولا

By عدنان العصار

February 20, 2025

“ستظل لديهم ذكريات إسطنبول”، يعد هذا هو الشيء الإيجابي الوحيد الذي يمكن قوله بعد أن تحطمت آمال مانشستر سيتي في دوري أبطال أوروبا على يد ريال مدريد وكيليان مبابي الذي لا يشبع.

ولم يظهر فريق بيب جوارديولا بمستوى أقل فقط من بطل المسابقة 15 مرة، بل تعرضوا لاكتساح تام جسديًا وذهنيًا.

وعند مشاهدة ريال مدريد وهو يسير نحو فوز سهل (3-1)، وانتصار ساحق 6-3 في مجموع اللقاءين بالملحق المؤهل إلى ثمن النهائي، كان من السهل نسيان أن هذين الفريقين لم يتم فصلهما إلا بركلات الترجيح عندما التقيا في ربع نهائي العام الماضي.

كان فوز السيتي المذهل 4-0 على ريال مدريد في إياب نصف النهائي 2023 على ملعب الاتحاد، يبدو وكأنه حدث منذ زمن بعيد.

وأمس الأربعاء في مدريد، افتقد فريق جوارديولا كل الإقناع الذي بلغ به نهائي إسطنبول في الموسم الماضي، وتوج من خلاله باللقب القاري الأول في تاريخه.

وشارك فقط أمام الريال أمس 5 لاعبين ممن بدأوا المباراة النهائية ضد إنتر ميلان، وسرعان ما انخفض العدد إلى 4 بعد خروج جون ستونز مصابًا في الدقيقة 8.

وغاب إيرلينج هالاند للإصابة، وبقي كيفن دي بروين على مقاعد البدلاء، وهو أوضح دليل على أن ذلك الفريق المرعب الذي أصبح ثاني نادٍ إنجليزي يحقق الثلاثية، بات جزءا من الماضي.

وقال جوارديولا يوم السبت الماضي إن لدى السيتي فرصة بنسبة 1% لقلب تأخره في الذهاب 3-2، ورغم تراجعه عن هذا التصريح لاحقا، إلا أنه كان محقًا تمامًا في النهاية.

لم يكن السيتي بوضعه الحالي ندًا لريال مدريد ببساطة.

ورغم ذلك، صار جوارديولا ملزما بالبقاء مع الفريق بعدما وقع عقدًا جديدًا لمدة عامين. لكن بالنظر إلى هذه المباراة، سيحتاج لتوقيع عقد جديد يمتد لعِقد كامل مثل اتفاقية هالاند، إذا كان يأمل في رؤية فريقه يرفع الكأس ذات الأذنين مجددا.

حجم إعادة البناء التي يواجهها جوارديولا كان واضحًا للغاية، حيث استمتع خط هجوم مدريد الرباعي المكون من مبابي، فينيسيوس جونيور، رودريجو، وجود بيلينجهام، بتمزيق السيتي، ما أدى إلى خروجه المبكر من دوري الأبطال، وهو أسرع وداع له منذ 2012.

بدأ جوارديولا وزملاؤه عملية إعادة بناء الفريق بإنفاق 180 مليون جنيه إسترليني (226 مليون دولار) على 4 لاعبين جدد في يناير/كانون الثاني.

لكن الأمر سيتطلب المزيد من الاستثمارات والمزيد من الوقت لإعادة تجميع فريق يمكنه حتى الاقتراب من استعادة أمجاد ما قبل عامين فقط.

ويستعرض موقع جول في سياق التقرير التالي الفائزين والخاسرين من موقعة ملعب سانتياجو برنابيو.

فائز: كيليان مبابي

أخيرًا، حصل مبابي على لحظته التاريخية الأولى مع ريال مدريد. لقد استعاد مستواه في الليجا مؤخرًا، متجاوزًا فترة الضعف قبل عيد الميلاد، ووجد إيقاعًا هجوميًا حادًا.

لكنه كان مذهلاً أمس، حيث أثبت أنه مباشر وقاتل في آنٍ واحد.

بدأ نجم باريس سان جيرمان السابق في مركز المهاجم، وعلى عكس الأسابيع الأولى من الموسم عندما اتُهم بالتضييق على زملائه عبر التحرك كثيرًا نحو الأطراف، التزم بدوره الأساسي هذه المرة.

وسمحت له مرونة ريال مدريد في فتح الملعب بالحصول على المساحات اللازمة لصنع الفارق.

سجل مبابي فرصته الأولى بكرة ساقطة رائعة، ثم أنقذ إديرسون محاولته الثانية، لكنه دك شباكه بمحاولته الثالثة، ثم وضع كرته الرابعة في المرمى بدقة متناهية.

الأهم من ذلك، أنه بدا وكأنه يستمتع بكل لحظة في الملعب. كان يضغط عندما لا يمتلك الكرة، وهو أمر نادر بالنسبة له.

وفي النهاية كان مبابي محور الفريق المليء بالنجوم، حيث قدم اللمسة القاتلة ليواكب التوقعات. وربما تكون الكرة الذهبية ليست بعيدة عنه بعد كل شيء.

خاسر: إيرلينج هالاند

أخيرًا، كسر هالاند نحسه أمام ريال مدريد بتسجيل هدف في مباراة الذهاب، بعد 4 محاولات سابقة لم ينجح خلالها في هز شباك الفريق الإسباني.

وكان النرويجي يترقب بفارغ الصبر مواجهة خصمه اللدود، العائد أنتونيو روديجر، في البرنابيو. لكن إصابته في الركبة ضد نيوكاسل يوم السبت، التي تم التقليل من شأنها في البداية من قبل جوارديولا واعتبارها مجرد إنذار بسيط، تبين أنها أخطر مما كان متوقعًا.

كان غياب هالاند عن التشكيل الأساسي صدمة، خاصة بعد أن بدأ جميع مباريات سيتي الـ34 السابقة في الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري أبطال أوروبا هذا الموسم.

ومع ذلك، أوضح جوارديولا أنه لم يكن قرارًا مفاجئًا منه، بل جاء بناءً على إحساس اللاعب نفسه بعدم الجاهزية صباح يوم المباراة.

كان وجود هالاند على مقاعد البدلاء شكليًا فقط، إذ لم يشارك في عمليات الإحماء قبل المباراة أو خلالها، ما أثار الشكوك حول إمكانية لحاقه بمباراة ليفربول يوم الأحد.

لكن الأمر المؤكد هو أن موسم هالاند في دوري الأبطال قد انتهى، ولن يتمكن من مواصلة تحطيم الأرقام القياسية.

وسيتعين عليه الآن التعايش مع حقيقة أنه لن يكون أصغر لاعب يصل إلى 50 هدفًا في دوري الأبطال، بعد أن كان الأصغر في بلوغ عتبات 10 و20 و30 و40 هدفًا.

وسيظل هذا الرقم القياسي باسم ليونيل ميسي، حتى إشعار آخر.

علاوة على ذلك، يبدو أن هالاند سيتأخر كثيرًا خلف مبابي في السباق نحو تحطيم الرقم القياسي التاريخي لكريستيانو رونالدو كأفضل هداف في تاريخ البطولة.

وسيتوقف النرويجي عند 49 هدفًا حتى بداية مرحلة المجموعات للموسم المقبل (بافتراض تأهل السيتي)، بينما رفع مبابي رصيده إلى 55 هدفًا بفضل ثلاثيته أمس.

فائز: فلورنتينو بيريز

كان الهدف الثاني لريال مدريد من النوع الذي حلم به فلورنتينو بيريز منذ اللحظة التي أتم فيها صفقة التعاقد مع كيليان مبابي.

بدأ جود بيلينجهام الهجمة في وسط الملعب، مرسلاً تمريرة بينية رائعة إلى المنطلق بسرعة البرق فينيسيوس جونيور. قام النجم البرازيلي بتمرير الكرة عبر منطقة الجزاء، ما أخرج عبد القادر خوسانوف من اللعبة، قبل أن يضعها لمبابي في وضعية مثالية.

المهاجم الفرنسي لم يتردد، حيث راوغ يوشكو جفارديول ببراعة وكأنه أرسله خارج الملعب، قبل أن يسدد الكرة بثقة في الزاوية السفلية.

هدف جماعي انسيابي، تمت صناعته وإنهاؤه بواسطة أعضاء “الرباعي الذهبي” الجديد لبيريز، وهو بالضبط ما كان يدور في ذهن رئيس الريال عندما قرر إضافة مبابي لهجومه المكدس بالنجوم.

ورغم الصعوبات الأولية التي واجهها الفريق في الأشهر الأولى من الموسم، فإن خط هجوم “الميرينجي” بدأ بالانسجام في التوقيت المثالي مع اقتراب الأدوار الإقصائية من دوري أبطال أوروبا من ذروتها.

ربما تعرضت النسخة الأولى من “الجلاكتيكوس” بقيادة بيريز للانتقادات بسبب قلة البطولات التي حققتها، لكن المؤشرات الأولية هذه المرة تشير إلى أن الأمور قد تسير في اتجاه مختلف تمامًا.

خاسر: الدفاع المهتز لسيتي

يمكن القول إن مانشستر سيتي خسر المواجهة في اللحظة التي تعرض فيها مانويل أكانجي للإصابة في نهاية الشوط الأول على ملعب الاتحاد الأسبوع الماضي.

فمنذ تلك اللحظة، بدأ دفاع جوارديولا في الاهتزاز، وبعد دقائق قليلة فقط في البرنابيو، انهار تمامًا.

كان المدافع السويسري المخضرم والذكي جزءًا أساسيًا من الفريق الفائز بالثلاثية، لكن بديله، ريكو لويس، تعرض للتنمر حرفيًا في الشوط الثاني من مباراة الذهاب، قبل أن يرتكب الخطأ الذي أدى إلى الهدف الثالث المتأخر الذي سجله فينيسيوس.

كان أداء لويس الكارثي سببًا في تفضيل جوارديولا الدفع بخوسانوف في الإياب، لكن اللاعب الأوزبكي لم يكن مستعدًا مطلقا لمواجهة خصم بهذه القوة الهجومية.

اللاعب البالغ من العمر 20 عامًا، الذي خاض أول مباراة له بدوري أبطال أوروبا، تعرض للتمزيق تمامًا على يد فينيسيوس ولم يحصل على أي دعم تقريبًا.

روبن دياز، الذي يُعد عادةً قائد دفاع السيتي، منح ريال مدريد بداية ليلة مريحة عندما فشل في إبعاد كرة سهلة، اقتنصها مبابي والتقط تمريرة راؤول أسينسيو بلمسة واحدة رائعة فوق إيدرسون.

وسرعان ما بدأ سقوط قطع الدومينو، إذ خرج ستونز مصابًا بعد لحظات قليلة، ليزيد الطين بلة.

لم يستغرق الأمر وقتًا طويلاً قبل أن يشق ريال مدريد طريقه عبر دفاع السيتي، حيث راوغ مبابي خوسانوف بسهولة، ثم أسقط جفارديول أرضًا وجعله ينزلق وكأنه في طريقه عائدًا إلى مانشستر.

لذا، لم يكن من المفاجئ أنه عندما حصل مبابي على الكرة في الشوط الثاني وانطلق نحو المرمى ليكمل ثلاثيته، لم يحاول أي مدافع حتى الوقوف في طريقه.

الخبر السار بالنسبة للسيتي هو أنه لن يضطر لمواجهة ريال مدريد مرة أخرى لمدة عام على الأقل. أما الخبر السيئ، فهو أن هذا الدفاع المهترئ والمترهل سيواجه محمد صلاح وليفربول يوم الأحد.

فائز: كارلو أنشيلوتي

ربما اعتاد كارلو أنشيلوتي على ليالٍ أكثر درامية من هذه. لو سار السيناريو المعتاد، لكان ريال مدريد قد تأخر بهدفين، ثم عاد وسجل 3 أهداف ليكمل انتفاضة خارقة.

لم يكن أحد ليتفاجأ لو حدث ذلك. لكن هذه المرة، بدا كل شيء سهلًا للغاية.

أنشيلوتي أبقى الأمور بسيطة. ثلاثي الهجوم رودريجو، مبابي، وفينيسيوس لعب أمام خط وسط يضم بيلينجهام، داني سيبايوس، وأوريلين تشواميني.

ورغم الإصابات، دفع المدرب الإيطالي بأفضل تشكيل متاح لديه، ثم ترك لاعبيه يتحركون بحرية.

كان ريال مدريد منظمًا دفاعيًا، متزنًا في خط الوسط، وحاسمًا في الثلث الأخير من الملعب. إدارة الفريق، الحفاظ على الروح الجماعية، وإبقاء الجميع سعداء، هي عوامل جوهرية في هذه الوظيفة، وقد نجح أنشيلوتي فيها مجددًا. ليؤكد أنه مدرب عبقري، ما يزال، بشكل أو آخر، غير مقدر بما يكفي.

خاسر: جوارديولا وفريق الثلاثية

عندما احتفل بيب جوارديولا ولاعبوه بحماس في إسطنبول، بدا الأمر وكأنه بداية لعصر جديد من السيطرة على دوري أبطال أوروبا.

كان مانشستر سيتي يمتلك القوة المالية، وأفضل مدرب في العالم، وأخطر مهاجم في العالم، إيرلينج هالاند، الذي بدا متعطشًا لرفع الكأس ذات الأذنين كثيرا.

ما يزال لدى السيتي تلك العناصر الثلاثة، لكن بقية الفريق الذي صنع التاريخ يبدو وكأنه استنزف طاقته تمامًا.

كيفن دي بروين لم يشارك في مباراة الإياب، وبالنظر إلى أدائه في الذهاب، لا يمكنه الشكوى من ذلك.

جاك جريليش، الذي قاد الاحتفالات من إسطنبول إلى إيبيزا ولم يتوقف لأسابيع، لم يشارك أيضًا بعد أن خرج مصابًا في الشوط الأول من الذهاب.

مشكلات جريليش مع الإصابات منذ تحقيق الثلاثية لا تقل عن مشاكل ستونز، الذي كان قد بدأ يستعيد مستواه لكنه الآن سيغيب مجددا بسبب الإصابة.

أما برناردو سيلفا، الذي سجل ثنائية في فوز السيتي الكاسح على مدريد قبل عامين، وكان منقذ الفريق في التعادل المثير 3-3 في البرنابيو الموسم الماضي، فقد بدا وكأنه مجرد ظل لما كان عليه.

وبالنسبة إلى جوارديولا، فقد بدا مستنزفًا ومنهكًا. هذه كانت هزيمته الـ13 هذا الموسم، وهو أكبر عدد هزائم يتعرض له في موسم واحد خلال مسيرته التدريبية، وما زال هناك 3 أشهر متبقية من الموسم!