تمر كرة القدم البرازيلية بواحدة من أكبر الأزمات في تاريخها، إذ تراجع المنتخب البرازيلي بشدة، مما دفع رئيس البلاد لولا دا سيلفا للتدخل.
الفوضى
وتغرق القوة العالمية السابقة في كرة القدم في فوضى كبرى، وولت أيام النجاحات الكبيرة، ولم تعد تتمتع بالتشكيل الذي يضم أسماء باهرة على غرار رونالدو ورونالدينيو وكاكا وغيرهم.
وبعد أن كانت البرازيل المرشح الدائم والبارز للتتويج بالألقاب، ودعت آخر نسختين في كأس العالم من ربع النهائي.
كما لم تتمكن حتى من التأهل لمنافسات كرة القدم في أولمبياد باريس الصيف الماضي.
وحاليًا تعاني بشدة في التصفيات المؤهلة لمونديال 2026 باحتلال المركز الرابع، بفارق 6 نقاط عن المتصدر، بطل العالم الأرجنتين.
وفي ظل التدهور التدريجي تدخل رئيس البلاد في الأزمة مؤخرًا مطالبًا بعدم الاعتماد على النجوم المحترفين مثل فينيسيوس جونيور ورودريجو ورافينيا وغيرهم.
وطالب لولا دا سيلفا بالاعتماد على المحليين من الدوري البرازيلي، لكن في حقيقة الأمر تبدو أزمة العملاق البرازيلي أعمق من ذلك.
غياب الرؤية
تنزلق الكرة البرازيلية في أزمة كبرى منذ سنوات، وأحد أسبابها هي الفوضى على مستوى الإدارة، فمنذ نهاية عام 2022، بعد رحيل المدرب تيتي عقب مونديال قطر، عانت البرازيل من التخبط لاختيار مدرب يليق باسم راقصي السامبا.
ومنذ ذلك الحين تولى قيادة البرازيل 3 مدربين: رامون مينيزيس (مؤقت) في 3 مباريات ودية، وفرناندو دينيز (مؤقت) في 6 مباريات، وحاليًا دوريفال جونيور.
وزاد الطين بلة، الغرق الإداري في الفوضى، إذ سبق أن أعلن رئيس اتحاد كرة القدم إيدنالدو رودريجز بأنه سيعين كارلو أنشيلوتي مدربًا للكناري بنهاية موسم (2023- 2024)، ثم أجبر على الاستقالة بسبب مشاكل قانونية، بينما جدد أنشيلوتي عقده مع ريال مدريد.
وعاد رودريجز لمنصبه بعدها بشهر واحد، دون أن تكون لديه خطة واضحة لتعيين بديل قوي لأنشيلوتي.
تطور الكرة الأوروبية
في السابق كان المنتخب البرازيلي يملك في كل مركز أسماء بارزة تتواجد في كبرى الأندية العالمية، وكانت المنتخبات الأوروبية تجد صعوبة في مواجهتهم.
وانقلبت الأمور مع مرور الوقت، ونجحت الاحترافية المتقدمة لكرة القدم الأوروبية في سد الفجوة، حيث تفرز مراكز تكوين الشباب مواهب على أعلى مستوى من الاحترافية تمنح بلدها أفضيلة من حيث التشبع الخططي والقوة البدنية.
أما في البرازيل فتسير الأمور بجهود فردية، ويتبع كل ناد نهجه الخاص، مما أدى إلى غياب الجودة في كل مراكز المنتخب وعلى رأسها خط الدفاع.
فقدان الروح
ما ميز البرازيل لعقود من الزمن وجعلها تحقق تلك النجاحات هو الاستمتاع الشديد بلعب كرة القدم، وأجواء المنافسة وربما الانتماء.
ويفتقد الجيل الحالي هذه الميزة مؤخرا، مع سفر اللاعبين في سن صغيرة إلى أوروبا، وآخرهم إندريك الذي انتقل مؤخرًا إلى ريال مدريد.
لقد باتت التنشئة الاجتماعية في كرة القدم مختلفة عما كان الوضع عليه سابقا، وأصبحت الأندية البرازيلية تعتمد بشكل كبير على الأموال التي تجنيها من رحيل لاعبيها مبكرًا.
والأمر نفسه للاعبين وذويهم إذ ينتظرون الفرصة لجني الأموال مبكرا، والهروب من الواقع السيئ والظروف الصعبة في البرازيل.
نموذج الأرجنتين
لم يأت تتويج الأرجنتين بكأس العالم وكوبا أمريكا من فراغ، إذ أدرك راقصو التانجو مشكلة تطوير الشباب على وجه الخصوص في وقت مبكر.
وبدأت الأندية تعتمد على فلسفة لعب موحدة عبر جميع فرق الشباب، وهي الفلسفة التي تساعد اللاعبين أيضًا في طريقهم إلى أوروبا.
كما أن مدرب الأرجنتين ليونيل سكالوني يتواجد في منصبه منذ عام 2018 مانحًا استقرارًا كبيرًا للفريق.
وعلى البرازيل التعلم من نموذج الغريم التقليدي إن أرادت العودة كقوة بارزة في كرة القدم من جديد.