اشتدت الحرب الباردة بين كيليان مبابي نجم ريال مدريد، مع ناديه السابق باريس سان جيرمان ورئيسه ناصر الخليفي، لتصل إلى جولة جديدة في المحاكم.
رحل مبابي عن بي إس جي بنهاية عقده في 30 حزيران/يونيو الماضي، وذلك بعد 7 مواسم مع الفريق استثمر خلالها النادي مليار يورو على اللاعب، وفقا لتأكيدات الإدارة الباريسية في النزاع القانوني الدائر حاليا.
ووصل النزاع إلى إلزام النادي الباريسي بدفع 55 مليون يورو خلال أيام قليلة استجابة لشكوى مبابي المقدمة إلى رابطة الأندية الفرنسية المحترفة بصرف رواتب آخر 3 أشهر له مع ناديه السابق.
وتفتح هذه الحرب الباردة باب التساؤلات بشأن من أهدر أموال باريس سان جيرمان، كيليان مبابي أم ناصر الخليفي؟
لكن الإجابة على هذا التساؤل لها أبعاد عديدة تنذر بمسؤولية مشتركة بين النجم الفرنسي والخليفي في استنزاف موارد النادي.
ففي صيف 2017، أحدث الخليفي طفرة غير مسبوقة في بورصة سوق انتقالات اللاعبين بضم مبابي لاعبا شابا من موناكو عمره 18 عاما مقابل 180 مليون يورو، وذلك بعد أسابيع قليلة من ضم نيمار جونيور من برشلونة مقابل 222 مليون يورو.
وبعد موسم واحد فقط شارك مبابي بقوة في فوز منتخب فرنسا بكأس العالم 2018 في روسيا، لتزيد القيمة السوقية للاعب الشاب حينها وتتجاوز 200 مليون يورو.
ومع مرور السنوات زاد نفوذ مبابي تدريجيا في حديقة الأمراء، ولكن الخليفي لم يسيطر على طموح النجم الفرنسي الذي صرح في 2019 بأنه حان الوقت لتحمل مسؤوليات أخرى.
ووسط تطلعات مبابي وتلميحه من حين لآخر بحلمه في الانتقال إلى ريال مدريد كان الخليفي يفرط تباعا في نجوم الفريق برحيلهم مجانا دون تحقيق النادي أي استفادة مالية.
وكانت هذه السياسة سببا في إقالة المدرب الألماني توماس توخيل في أواخر عام 2020 بسبب انتقاده سياسة رحيل اللاعبين مجانا مثل كافاني وتياجو سيلفا ورابيو وبوفون، واستمرت السياسة أيضا مع نجوم آخرين مثل ميسي ودي ماريا وسيرجيو راموس.
تعنت الخليفي
ووسط رحيل هذا الكم من النجوم تعنت الخليفي بشكل واضح ورفض عرضا من ريال مدريد لشراء مبابي في صيف 2021 بمقابل يتراوح بين 160 و180 مليون يورو، وذلك قبل عام واحد من انتهاء تعاقد كيليان.
بل راهن الخليفي على إقناع مبابي بالتجديد في موسمه الأخير، وهو ما نجح فيه ولكن بعد تدخل مباشر من رئيس الجمهورية الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي أقنع مبابي بتوقيع عقد جديد حتى 2025.
ولكن بعد عام واحد فقط اتضح أن هذا العقد نهايته الفعلية في 2024، وأن الموسم الأخير مشروط بموافقة مبابي الذي زاد نفوذه بشكل واسع وأصبح رأسا برأس مع الخليفي.
ونفذ مبابي رغبته وأصر عليها في صيف 2023 عندما أعلن أنه لن يفعل بند الموسم الثالث ليعاقبه الخليفي بتجميده قبل أن يعلن في مؤتمر صحفي أن اللاعب أمامه خيارين إما تجديد عقده أو عرضه للبيع.
ولكن الخليفي لم ينفذ أي من الأمرين، وتراجع عن تجميد اللاعب بعد تدخل مباشر من المدرب الإسباني لويس إنريكي سعيا لرهان جديد مع مبابي وإقناعه بالتجديد في آخر لحظة، ولكن النجم الفرنسي رحل هذه المرة دون أن يستفيد بي إس جي بيورو واحد.
أحلام وردية
ولا يعد كيليان مبابي بريئا أيضا من استنزاف موارد النادي الباريسي، رغم مساهمته الجبارة مع الفريق في الفوز بالبطولات المحلية والوصول لنهائي دوري الأبطال في 2020 وقبل النهائي مرتين في 2021 و2024.
ولكن مبابي استغل أيضا المواقف بالكشف عن أحلام وردية ووعود عديدة مع باريس لتخدير ناصر الخليفي الذي تعنت أكثر من مرة في بيعه.
ولم ينفذ كيليان من وعوده سوى طموح شخصي بوصوله للقب الهداف التاريخي للنادي بتسجيل 256 هدفا في جميع المسابقات.
ووسط حالة الشد والجذب أطلق مبابي وعدا بأنه سيفوز بلقب دوري الأبطال مع بي إس جي يوما ما، قبل أن تتغير لهجته في الأشهر الأخيرة عندما قال في كانون الثانى/يناير الماضي بأنه مهما كان القرار النهائي فلن يرحل عن باريس دون أن يحقق النادي استفادة مالية، وهو ما لم يحدث في نهاية المطاف.
ووسط هذه الأحلام الوردية أيضا تنازل مبابي عن حلمه الأكبر بالانتقال إلى ريال مدريد أكثر من مرة، ولهث وراء العرض الخيالي بتجديد عقده في صيف 2022 مقابل راتب سنوي يقال أنه وصل إلى 100 مليون يورو.
وتعامل مبابي حينها بحالة من انفصام الشخصية حيث أصدر بيان اعتذار لنادي ريال مدريد ورئيسه فلورنتينو بيريز، وفي نفس الوقت كان يستنزف موارد باريس إلى أقصى حد ممكن بمعاونة والديه ويلفريد مبابي وفايزة العماري التي كانت تدير أعماله.
ورغم كم المبالغ الخيالية التي كسبها مبابي يصر لآخر لحظة على التمسك بمبلغ يبدو بسيطا 55 مليون يورو، ويصر على استنزاف الخزينة الباريسية، ربما انتقاما لكبريائه المجروح عندما تم تجميده في صيف 2023 وهو يحمل شارة قيادة منتخب فرنسا ويصنف أنه أفضل لاعب في العالم.