بعد سوق الانتقالات الصيفي المحبط لبرشلونة، والذي قيدته قواعد اللعب المالي النظيف، تبين في غضون أيام قليلة، أن أفضل صفقة في بداية هذا الموسم، هي على الأرجح على مقعد المدير الفني، بفضل بصمة هانز فليك على الفريق الكتالوني.
كان فليك دائما مدرجا في قائمة المرشحين لدى خوان لابورتا، لكن عندما تولى الأخير رئاسة النادي، كان رونالد كومان على رأس الإدارة الفنية، ثم بدأت مرحلة تشافي هرنانديز.. وبعد رحيله المفاجئ، تولى المدرب السابق لبايرن ميونخ والمدير الفني السابق للمنتخب الألماني زمام الأمور.
ووفقا لما أكدته مصادر داخل النادي الكتالوني، فقد كان فليك “خيارا حقيقيا” قبل قدوم تشافي.
في الواقع، كان برشلونة قد فتح الباب أمام المدرب الألماني، لكنه لم يتمكن من إتمام الصفقة في ذلك الوقت.
ويعد المدرب الألماني نقيض كومان وتشافي، فهو لا ينتمي إلى ما يسمى بالبيئة الكتالونية، ولم يلعب أبدا في برشلونة من قبل، ولا يتحدث اللغة، ولديه رؤية مختلفة لكرة القدم، ولا يعرف أيضا الفريق الرديف، ولم يسبق له اختبار وسائل الإعلام الإسبانية.
ويقدم فليك خطابا بسيطا في المؤتمرات الصحفية، ولا يقدم عناوين مثيرة.
وتعاقد برشلونة معه، في نهاية مايو/آيار الماضي، واستغرق الأمر شهرين لتقديمه، في يوم سلمه فيه لابورتا بطاقة عضوية، تحمل الرقم 149842.
اندماج سريع
يتحدث فليك قليلا عن كرة القدم، ولا شيء عن اللاعبين من خارج برشلونة، ومنذ اللحظة الأولى قرر أن يتشرب أجواء النادي.
في الواقع، ظهر بشكل مفاجئ في كولونيا (ألمانيا)، عندما كان فريق برشلونة لكرة اليد يخوض المرحلة النهائية من دوري أبطال أوروبا، وهو ما تم تفسيره على أنه دليل على انخراط المدرب في المشروع.
بحلول ذلك الوقت، كان قد قرأ بالتأكيد الرسالة التي سلمها له لابورتا، فور توقيعه للبرسا، وهي رسالة يتحدث فيها عن كل ما يجب على مدرب برشلونة معرفته.
في الرسالة، شرح له ما يعنيه شعار “أكثر من مجرد نادٍ”، وأن برشلونة يمثل دولة، وتحدث عن تاريخه وقيمه، وأنه ملك للجماهير، لكي يتفهم طريقة رؤية كرة القدم والحياة في برشلونة.
وللمضي قدما في في الانخراط في مشروع برشلونة، طلب فليك مقابلة بيب جوارديولا، المعلم الكبير، حتى لا يفوته أي شيء، سواء مما يحدث على أرض الملعب، أو مما يحدث في متاهات المكاتب.
لهذا السبب، لم يستغرق الأمر وقتا طويلا، لكي يفهم أن حجر الزاوية للنجاح في برشلونة، يكمن في أكاديمية لاماسيا.. في اللاعبين الشباب الذين يجب بناء المشروع كله حولهم، وهو طريق مهد له رونالد كومان وتشافي هرنانديز.
فلسفة فليك
وتعد فلسفة فليك هي العمل، فهو يشعر بالراحة على مقعد القيادة الفنية، حيث ينقل خبرته إلى لاعبيه الشباب، ولا يحب التحدث إلى وسائل الإعلام، ولا يتباهى عندما يحقق الفريق فوزا ساحقا، ويقدم صورة متواضعة منذ وصوله.
يقولون داخل النادي إن فليك معجب جدا بالعمل في لاماسيا، لكن الأهم من ذلك، هو إعجابه باللاعيين الذين رآهم منذ وصوله.
وحتى قبل سنوات قليلة، كان فليك يسافر للتعرف على أساليب أكاديمية برشلونة.
وفي برشلونة، يرون أن فليك يجمع بين الصرامة الألمانية، والإلهام المتوسطي، ويقولون إنه “يستمع إلى النصائح كثيرا، وهو لطيف وودود في التعاملات الشخصية، ويهرب دائما من الصراعات”.
هكذا هو فليك، العضو رقم 149842 في برشلونة، الذي يُقال إنه أفضل صفقة في صيف برشلونة.