أصبح المهاجم النرويجي إيرلينج هالاند، مهاجم مانشستر سيتي، في الصفوف الأولى لنجوم كرة القدم بالسنوات الأخيرة، لاسيما منذ انتقاله إلى النادي الإنجليزي في صيف 2022.
وبعد رحلته المميزة في بوروسيا دورتموند، واصل هالاند تحطيم المزيد من الأرقام القياسية في سن صغيرة بقميص المان سيتي، ليضع اسمه ضمن نخبة الساحرة المستديرة.
ومع تزايد أهداف صاحب الـ24 عاما، بدأت المقارنات تعقد بينه وبين أبرز أساطير اللعبة، على رأسهم الثنائي كريستيانو رونالدو وليونيل ميسي.
وظهرت إحصائية في الأيام الماضية تفيد بتفوق المهاجم النرويجي على الثنائي الأسطوري تهديفيا، وهما بعمر 24 عاما.
وتفيد الإحصائية بوصول هالاند إلى 260 هدفا خلال 315 مباراة، متفوقا على ميسي (197) وكريستيانو (132) هدفا بنفس العمر.
غياب المنطق
المثير للدهشة أن بعض المشجعين بدأوا ينحازون للأسطورتين ميسي ورونالدو عند النظر إلى هذه الإحصائية، حيث بدأوا في التقليل مما حققه هالاند حتى الآن، بمبررات واهية.
وارتكز دفاع مشجعي الأسطورتين على أن “مدافعي العصر الحديث أقل جودة مقارنة بمستوى المدافعين الذين واجههم رونالدو وميسي في بداية مسيرتيهما”.
لكن مشجعي الثنائي الأسطوري تناسوا أن هذه الحجة هي التي استعملها بعض جماهير كرة القدم كلما أرادوا التقليل من أرقام رونالدو وميسي القياسية في ذروة مسيرتيهما، حيث قالوا آنذاك “من حسن حظهما أنهما لم يلعبا في عصر أساطير الدفاع مثل مالديني، ستام ونيستا”.
لكن الطرفين جانبهما الصواب عند اللجوء لهذه الحجة، سواء للتقليل من أرقام رونالدو وميسي أو هالاند.
هذا لأنه حال تراجع جودة المدافعين في عصر هالاند أو قطبي كرة القدم، فإن السؤال الذي يطرح نفسه حينها “لماذا هؤلاء فقط هم من تمكنوا من الوصول لتلك السجلات الاستثنائية دون غيرهم، طالما أن الأمور سهلة لهذا الحد؟”.
هنا يظهر غياب المنطق في الحكم على هالاند حاليا، ورونالدو وميسي سابقا، لأن جميعهم يستحقون ما وصلوا إليه، لبراعتهم تهديفيا، وهو أمر عائد لجودتهم العالية.
ظلم لكافة الأطراف
بالعودة إلى المقارنات التي يعقدها البعض بين هذا الثلاثي تحديدا، يظهر غياب المنطق مجددا، وهو ما يظلمهم جميعا عند وضعهم في معركة واحدة.
ونسي المتورطون في هذه المقارنات، أنها تُعقد بين مهاجم كلاسيكي (هالاند) وثنائي لم يلعب في مركز المهاجم أو رأس الحربة سوى لفترات قليلة في مسيرتيهما.
فبالعودة إلى بداية مسيرة ميسي، سنجد أنه بدأ رحلته كجناح مع برشلونة ومنتخب الأرجنتين، خاصة على الجانب الأيمن، وكان يتمتع بحرية الاختراق والتوغل من العمق في كثير من الأحيان.
ولم يتحول ميسي إلى رأس حربة بشكل صريح، بل إنه تغير مركزه لمهاجم متأخر أو كما يطلق عليه (مهاجم وهمي) بعد 4 سنوات من بداية مسيرته.
ولم يكن البرغوث مهاجما كلاسيكيا مثل هالاند حتى يوضع ضده في مقارنة تهديفية، خاصة أنه لعب بأكثر من مركز، حتى في المباراة الواحدة، مثل الجناحين، المهاجم المتأخر وصانع الألعاب.
أما رونالدو، فلا يخفى على كثيرين بدء مسيرته كجناح أو لاعب وسط أيمن في طريقة اللعب القديمة التي كان ينتهجها مانشستر يونايتد (4-4-2).
ولم يثبت رونالدو في الجانب الأيمن طوال الوقت، بل تحول لاحقا إلى جناح أيسر، وأصبح كثير التنقل بين مراكز الهجوم طوال مسيرته، سواء مع المان يونايتد أو ريال مدريد.
وفي 2014، أصبح لرونالدو أدوار مختلفة، مثل اللعب كمهاجم متأخر خلف تشيتشاريتو أو كريم بنزيما، لكنه يبدأ المباريات عادة في جهة اليسار كجناح.
حتى بعد وصوله إلى يوفنتوس في 2018، لم يتحول رونالدو إلى رأس حربة، كما هو الحال مؤخرا، إلا في موسمه الثالث والأخير مع الفريق، حينما اعتمد المدرب أندريا بيرلو على طريقة (4-4-2)، ليضع “الدون” بجوار ألفارو موراتا في قلب الهجوم.
هذا يشبه إلى حد كبير ما حدث مع ميسي في آخر عامين مع منتخب الأرجنتين بتحويله إلى مهاجم ثانٍ في طريقة (4-4-2)، مجاورا لاوتارو مارتينيز في قلب الهجوم.
هذا يعني أن الهداف التاريخي لكرة القدم ومطارده لم يتحولا إلى رأس حربة بشكل ثابت أو لفترات سوى بعد بلوغهما 35 سنة، وهو ما يجعل مقارنتهما برأس حربة صريح منذ بداية مسيرته، أمر ظالم لكافة الأطراف.