التغيير سنة الحياة والبناء أساس تعميرها، وكما يقال: «لو دامت لغيرك ما وصلت إليك»، وهي مقولة حقيقية، ولو أسقطناها على أنفسنا، من خلال أي موقع نشغله، لكان نتاج عملنا هو أهم ما يشغلنا، كون التغيير حاصلاً لا محالة، وما يبقى بعد إلا ذكر ما تم إنجازه. وزارة الشباب والرياضة، بين وزيرين، الوزير السلف الأستاذ محمد المؤيدي والوزير الخلف الدكتور محمد المولد، فالخلف أدى عمله طيلة السنوات الماضية وقد أصاب وأخطأ، من منظور أن من لا يعمل لا يخطئ وأن الخطأ يطال في الغالب من عمل واجتهد، فإن أصاب فله أجران، أجر الاجتهاد والعمل، وإن أخطأ فيكفي أنه حاول، كون الكمال لله وحده، ومن أهم الأعمال التي أنجزت في عهد الوزير المؤيد، إتمام تعشيب ملعب الشهيد الظرافي بأمانة العاصمة، وذكرناه حصرا، كونه مهماً وكأنه أصبح بعد تعشيبه تحفة للرياضيين. على المستوى الشخصي أشكر الوزير المؤيدي على ثقته في شخصي في أعمال كثيرة، أسأل الله تعالى أن أكون وفقت فيها. الدكتور محمد المولد صديقي وبيننا سنوات من العمل الذي نقل جامعة البيضاء (بوجود أ.د. أحمد العرامي) إلى مراكز متقدمة، خاصة في افتتاح كلية الطب ومعهد التعليم المستمر وكلية الشريعة، والعمل معه كأمين عام للجامعة، كان يتصف بالسلاسة التي جعلت كثيراً من الأمور تنجز دون تعقيد. عندما يتحدث شيخنا الدكتور محمد المولد، فلا مناص لك إلا الاصغاء، لبلاغة حديثه الصادر عن رجل علم تتلمذ في رباط الهدار بمدينة البيضاء. ما يميزه عن غيره أنه معتدل في طرحه، محب للعمل دون إقصاء أحد، لكونه ينتمي لجهة معينة أو العكس، وهذه سمات في الرجل الإداري الذي يجمع ولا يفرق. في المجال الرياضي كان متواجدا وحاثا على إقامة الأنشطة الرياضية، وأتذكر تواصله معي، وهو رئيس مركز صيفي، من أجل تفعيل النشاط الرياضي، وما هي الأدوات المطلوبة وما يخص كامل البرنامج، واعتبر ذلك تمهيدا لما وصل إليه كرجل أول في الوزارة. الدكتور محمد المولد، صحيح أنه جديد على المجال الذي عُيّن فيه، وهذا ليس بجديد على الوزارة التي شهدت تعيين كثير من الوزراء، ولم يكونوا من الوسط الرياضي، ومع هذا أسهموا، كل بحسب قدراته، وبحسب مستوى تعاون الآخرين معه. المولد لا يحتاج لأن يكون رياضيا، ولكن بكل تأكيد يحتاج من الآن فصاعدا إلى الغوص في أعماق التخصص، وقبل ذلك الغوص في شخوص من يعملون في الوزارة، حتى يكون الفرز مبنياً على قراءة واقعية متعمقة، لاستبدال الأفضل. على كل من يشغل منصبا في الوزارة، أن يعي أن تغيير الوزير (وهو رأس الهرم) مقدمة للتغيير الذي قد لا يخطر على بال، وفق سياسية المرحلة التي تنفذها الحكومة الحالية، ولهذا عليهم تجهيز أنفسهم، وبالمقام الأول، من الحالة النفسية، حتى لا يصور بأن تغييره استهداف شخصي، وإنما تطبيق لما سيحدث في كل الوزارات. علاقتي بالعمل الرياضي تمتد لقرابة ثلاثة عقود، منذ التحاقي بتحكيم كرة القدم في العام ١٩٩٣م، وأبرز ما أتذكره هنا خلال الثلاثين سنة من عملي في المجال الرياضي، عندما ابتعثتني الوزارة لتحضير البكالوريوس في تونس في عهد الوزير طيب الذكر أ.د. عبدالوهاب راوح، عام ١٩٩٦م والذي وظفني في العام ٢٠٠٠م، ثم ابتعاثي لتحضير الماجستير في العراق في عهد الوزير عبدالرحمن الاكوع عام ٢٠٠١م، وعملت في ديوان الوزارة حتى طلبت نقلي لمكتب الحديدة، قبل أن انتقل لجامعة ذمار في العام ٢٠٠٦م، وتحول الكلية أخيرا لجامعة البيضاء في العام ٢٠٠٨م. سنوات كثيرة من العمل في الوزارة ومكتبها بالحديدة، وخلال ٣٠ سنة من الاقتراب منها، أعرف تماما كيف تدار، ولهذا اسأل الله التوفيق للدكتور محمد كونه سيواجه مجتمعا يختلف كلياً عما عايشه طيلة حياته. الوزير المولد يحتاج من زملائه في الوزارة إلى النية الصادقة على العمل دون تزلف أو محاباة، فالرجل خبير في هذا الجانب، ولهذا عليهم فقط إتقان العمل وتجويده وإخلاص النية فيه لله تعالى أولا، ثم لما فيه خير وصالح الوزارة والقطاع الرياضي.