في مساحة صغيرة لا تتجاوز ثلاثة أمتار في ثلاثة وأرضيتها اسمنتية حجزها بعض الشباب لممارسة لعبة كرة القدم هوايتهم المفضلة على مقربة من سور صنعاء القديمة بجوار السائلة رغم ما يواجهونه من أخطار كبيرة عندما تخرج الكرة من هذا الملعب الصغير وتتدحرج إلى السائلة عندها تبدأ المعركة الحقيقية بين اللاعبين الذين يذهبون لاستعادة الكرة وبين السيارات التي تمر من هناك بشكل مستمر ونفس هذه القصة تتكرر كثيراً وفي كثير من المناطق فكل من يمر في الشوارع والأحياء يشاهد كيف يتعذب أبناؤنا الصغار في البحث عن ملاعب وأماكن يمارسون فيها هواياتهم الرياضية وكيف انهم يحاولون ابتكار تلك الأماكن ولو اقتطعوا جزءاً منها من طرقات مرور السيارات التي غالباً ما تقطع عليهم هوايتهم وهم في ذروتها ليسمحوا لها بالمرور ومن ثم يعاودون اللعب وهكذا يعيشون التعب والعذاب من الصغر وحتى عندما يكبرون لا يجدون الملاعب المناسبة كباقي خلق الله. مما لاشك فيه أن ما يحدث لهؤلاء الشباب والأطفال يحز في النفس، فهل يعقل أننا عجزنا بمنظومتنا الرياضية والتنموية من توفير أبسط الحقوق لشبابنا ومنها مساحات كافية ليمارسوا فيها هواياتهم فمن الأندية التي أغلقت أبوابها أمامهم إلى السلطات المحلية التي غابت عنهم ولم تقم بواجبها تجاههم ولم تستطع توفير مساحات وملاعب وساحات في المناطق والأحياء والحدائق وقد يعود الأمر إلى ضيق افق لدى مسؤولينا الذين لا يعلمون أن هذه المساحات يمكن أن يتخرج منها الكثير والكثير من المبدعين في مختلف الرياضات ولو أنهم تابعوا تجارب معظم البلدان التي تهتم اهتماماً كبيراً بإيجاد مثل هذه الملاعب في المناطق والأحياء والحدائق بل وتنظم بطولات رياضية لمختلف الألعاب تقدم خلالها الجوائز التشجيعية ربما كان الأمر سينقذ شبابنا من هذه المآسي كما أن هذه الملاعب أنجبت نجوماً معروفين في مختلف الألعاب الرياضية لكننا في غالب الأحيان نقسوا على هؤلاء الشباب المساكين ونحاول منعهم من اللعب في الشوارع ونغلقها عليهم ولا نعرف أهميتها. لقد شاهدت في الكثير من البلدان التي زرتها ملاعب تمتلئ بها الأحياء والمناطق والحدائق يمارس فيها الشباب وحتى الكبار هواياتهم وتعمل المجالس المحلية والبلدية في تلك الدول على حجز مساحات وتسويرها وإقامة ملاعب صغيرة عليها وهكذا فإنهم يهتمون بهذه الأمور لمعرفتهم أنها ستعود على البلاد بالفوائد الكبيرة ولعل اقلها انجاب نجوم رياضيين يعملون على خدمة بلدانهم ولو راجعنا ذاكرتنا سنجد أن الكثير من نجوم الرياضة العالمية انطلقوا من ملاعب الشوارع تلك التي قتلناها نحن ودمرناها دون أن نعي قيمتها وجعلنا شبابنا يتعذبون يومياً في معارك مع السيارات دون أن نقدم لهم أبسط الاحتياجات. هل يمكن أن تعمل وزارة الشباب والرياضة عبر صندوق رعاية النشء والشباب والسلطات المحلية بتمويل من القطاع الخاص على إنشاء ملاعب في الأحياء والحدائق وحتى الأندية وفق آليات معينة وتعم الفائدة على الجميع وننقذ شبابنا من هذه العذابات والمعاناة.. فهل وصلت الرسالة أم أن الأمر سيبقى كما هو ويبقى شبابنا في معارك الكرة والسيارات في الشوارع؟؟؟.