التسويق مهم جدا لنجاح أي شركة مهما كان رأس مالها أو البلد الذي تنتمي إليه أو المنتج الذي تبيعه.. ولا يمكن لأحد أن يعرف بها الا عن طريق تسويق منتجاتها، وبعد وصول المنتج الى الناس يستطيعوا حينها الحكم، على جودته، وهل كان متوافقا مع حملة التسويق التي روجت له.
الإعلامي تماما مثله مثل الشركة العملاقة لديه منتج يقدمه للناس، فما هذا المنتج ؟ إنه المحتوى أي كلمة الصحفي سواء أكانت تصل للمتلقي كمسموعة أو منطوقة او مكتوبة …. الخ وهذا المنتج (الكلمة) ينبغي أن تكون جيدة حتى تسوق لصاحبها افضل تسويق، وينجذب الناس لقراءتها او سماعها او مشاهدتها.
الكلمة السيئة ايضا مردودها سلبي ونتائجها عكسية عل الإعلامي ووسيلته الإعلامية، فكلما كانت مفرداتها بذيئة وتجانب الصدق والصواب، وتسلك نهج الابتزاز أو التنمر سواء على زملاء المهنة او الآخرين، فهي بضاعة مزجاة لا قيمة لها إطلاقا.
لا يفرق بعض الإعلاميين بين باب الشهرة وباب التشهير، فمن العيب والعيب أولا صدور عنه ما لا يليق بشخصه الذي له مكانة كبيرة عند متابعيه، وثانيا المساس بالآخرين بما يضر بسمعتهم والمصيبة عندما لا يكون فيهم ما يتم الحديث عنه، وثالثا عندما يشهر الإعلامي قلمه ليس دفاعا عن نفسه، بل للدفاع عن أي كيان أو شخاص، حصل بينهم سوء فهم أدى لخلافات كبيرة، والنتيجة أنهم سيصطلحون وتنكسر هيبة الإعلامي قبل انكسار قلمه.
جميعنا محاسبون على الكلمة، يقول تعالى في كتابه الحكيم : ﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (26) يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ (27)﴾
[ سورة إبراهيم الآية: 24-27 ]
ويقول رسول الله صلى الله عليه واله وصحبه وسلم : ( إنَّ الرجلَ لَيتكلَّمُ بالكلمةِ لا يرى بها بأسًا يهوي بها سبعين خريفًا) الراوي : أبو هريرة رضي الله عنه.
نسأل الله تعالى لنا جميعا الهداية، وإن نكتب ما يرضي الله تعالى ورسوله صلى الله عليه واله وصحبه وسلم.
أين نحن قول الله تعالى وقول رسوله الكريم ؟! فإننا إن لم نعمل بهما فقد عصيناهما، وإن عصيناهما فيا ويل لنا، وساعتها لن ينفعنا فرعون بسلطته ولا قارون بماله ولا هامان بوزارته، ولا ولا …. الخ من المسميات، التي نستذكرها للعبرة والعضة ونعوذ بالله تعالى أن نقصد بها أحدا، ففينا من المساوئ والسيئات ما لا يكفيها العمر كله لاصلاحها. فكيف ننشغل بعورات غيرنا (إن كانت لهم في الأصل عورات) بينما عوراتنا وإن أخفاها الله عن الناس، فنحن أعلم بها، وإصلاحها أمر وجوبي علينا.
قبل يومين التقيت بعدد كبير من زملاء الكلمة في المؤتمر الانتخابي للجمعية اليمنية للإعلام الرياضي بقصر الشباب في العاصمة صنعاء. وكان في مقدمة الجميع أستاذنا جميعا الإعلامي القدير عبد الله الصعفاني، الذي تحدث في كلمته للفائزين والحاضرين ولغير المتواجدين، وأكد فيها بأن الإعلامي ينبغي أن يتصف بالمصداقية وأن يكون ضميره الصحفي أقوى من أي جهة رقابية وأن يكون انتماؤه لمقومات الأمانة أشد من أي جهة، كلمات لاقت قلوبا متعطشة للتذكير، كونها هي من تنفع المؤمن ولا شيء غيرها.
نبارك للجمعية وكل اعضائها. خاصة من حصلوا على ثقة الجمعية العمومية، وهذه الثقة تحملهم مسؤولية ثقيلة، فعليهم العمل لما يخدم كل زملائهم وليس شرطا أن يكون معه في نفس الإطار المؤسسي، فالأكثر تأثيرا عندما يمتد خيرك لمن هم خارجها، ولا يصل أذاك لهم أو لغيرهم.
أعوذ بالله أن أكون ناصحا للغير مخالفا لما أقول، وأسأل الله الهداية والتوفيق لي ولكل زملائي، الذين يمتلك كل واحد منهم في قلبه من الجمال الكثير، فقط عليه التعهد بالمحاسبة والمراجعة وتقوى الله.
ونحن في اليوم ما قبل الأخير من العام الميلادي ٢٠٢٣م، نسأل الله أن يطوي أخطاءنا فيه مع انقضاء أيامه، وأن يدخلنا العام الجديد ونحن أكثر اتصافا بالخلق الحميد، حتى نكون أقرب مجلسا من رسول الله صلى الله عليه واله وصحبه وسلم الذي قال : (أقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا) فمن منا لا يريد أن ينال هذا الشرف العالي؟!.
الإعلام بين الشهرة والتشهير .. د. محمد النظاري
التصنيفات: ميادين