اخطأنا وأخطأ باقي الزملاء بتركنا للزميل المعلق محمد عمر يتألم نحو عامين من المرض دون ان نقدم له يد العون والمساعده او ننوه للخيرين ان يردوا له جزءاً يسيرا، مما قدمه محمد عمر للرياضة اليمنية لنحو عقدين من الزمن مارس فيها كل فنون المهنة معلقا ومقدما لبرنامجه الشهير (رياضة على الهواء). كان يمارس التعليق على طريقة المتيم والعاشق لهذه المهنة يجوب الملاعب، والمدارس لتغطية، أي حدث رياضي، مبتعدا عن أسر، وأسوار، الشهرة التي كان يتمتع بها في معظم محافظة الحديدة، ومن لا يعرف محمد عمر كان بالطبع يعرف برنامجه رياضة علي الهواء الذي كان يبث ظهر كل ثلاثاء في إذاعة الحديدة. انزعجت تماما وأنا اقرأ أسطر الزميلين منصور الدبعي وقاسم البعيصي اللذين اشارا لتجاهل قيادة إذاعة الحديدة لجنازته لكني أثق تماما ان الزميل، محمد عمر، تلقى، آلاف دعوات الرحمة والمغفرة التي ربما لا ينالها وزير، حضر جنازته كل أركان الدولة، فالعمل الطيب والوصول إلى قلوب الناس هو الرصيد الحقيقي لأي شخص يعبر من دار الفناء لدار البقاء ورجل مثل محمد أدرك حقيقة هذه الدنيا فلم يتهافت عليها ولم يفعل كما يفعل الكثير بجعل مهنة الإعلام مصدرا للإثراء والكسب وتصوروا معلقاً مشهوراً ومقدم أشهر برنانج إذاعي لم يرافق منتخب بلده طيلة 25 عاما قضاها في خدمة الرياضة اليمنية وكانت أكبر مكافأة له حضوره خليجي عشرين في عدن ممثلا لإذاعة الحديدة وهي الرحلة التي عرفتني بمحمد عمر الإنسان فوجدته بسيطا بشوشا يسخر من إفلاسه بطريقة مستفزة تجعلك تعتقد أنه يملك أموال الأرض وهو في حقيقة الأمر يملك شيئاً يقال له القناعة ، نسمع بها لكن يصعب على كل منا الاقتناع بها. لا أعرف إن كانت اليمن هكذا تقدم مواهبها قربانا للفقر والعوز والإهمال ، لكن ثمة حقيقة أننا نعيش في زمن الانتهازيين والأفاقين ، وشخص مثل محمد وفي أي بلد كان على الأقل في بحبوحة من العيش ، فهو أجدر من ثلثي زملاء الحرف الرياضي الذين رافقوا المنتخبات الوطنية وحصلوا على وظائف مرموقة في بعض المؤسسات الاعلامية لكن يبدو أن محمد عمر عاش في خارج زمنه. أضعنا محمد عمر جسدا لكننا نشعر به روحا جميلة بيننا فكلماته وابتسامته الساحرة وكلمته المعتادة عزيزي، تملأ كل الأماكن التي اعتاد محمد عمر الذهاب إليها وهي إذاعة الحديدة وملعب العلفي ومقهى فيصل وكل مدارس الحديدة وملاعبها المتنوعة. بقي أن أشير إلى أننا لن نرد له جميل كل ما قدمه عبر رص كلمات النعي في وسائل التواصل الاجتماعي ، بل بتقديم كل ما يمكن عمله لأسرته وشقيقاته اللاتي آثر رعايتهن ورعاية أمه على إكمال نصف دينه وأظن أن أهل الخير كثر ، ومحبيه أكثر مما نتصور، فقط نبادر حتى يكون محمد عمر سعيدا بزملائه، وان كل ما قدمه لم يضع هباءً منثورا..