كلمات ميسي في تصريحاته الأخيرة تحتاج إلى توقف عندها، وتأمل فيما يدور بفكر هذا النجم الذي ملأ الدنيا وشغل الناس في حقبة شهدت على أكبر تنافس ثنائي كروي مع النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو في التاريخ.
ويبدو أن ما قلناه في نفس هذه الزاوية قبل أيام بات أكثر صحة، بأن انتقال البرغوث الأرجنتيني إلى الدوري الأمريكي وتفضيله على البقاء في باريس أو العودة إلى برشلونة، ومثلهما بدء تجربة جديدة في الدوري السعودي، كان تمهيدا لوضع حد لمسيرته في ملاعب الكرة، وذلك بعد أن أخرج ليونيل ما في قلبه وأعلنها صراحة بأنه اكتفى من البطولات التي حققها والألقاب الفردية التي جمعها، ولم تعد تهمه في شيء.
ميسي أيضا لمح إلى انتهاء مسيرته مع المنتخب الأرجنتيني بقوله إنه بعد تحقيق كأس العالم لم يتبق له طموح في العودة للمشاركة في ذات البطولة وأنه غالبا سيغيب عن النسخة القادمة التي ستنظم عام 2026، وأنه يفضل في الوقت الحالي قضاء وقت ممتع مع لعب كرة القدم بعيدا عن ضغوطات المنافسة.
ولعل أول تطبيق فعلي لتوجهات ميسي، هو ركوبه طائرته الخاصة مع زميله دي ماريا، والانطلاق من الصين حيث خاض مباراة ودية أمام استراليا وحقق فيها (آخر أرقامه مع الكرة) بتسجيل أسرع هدف دولي في تاريخه، والتوجه إلى برشلونة لقضاء الإجازة، معتذرا عن قيادة الأرجنتين في المباراة الثانية التي سيخوضها مع ماليزيا ضمن الجولة الآسيوية.
لن نفاجأ إذا ما خرج ميسي علينا وأعلن اعتزاله الدولي مع نهاية فترة إجازته وبداية دخوله في (نزهة) الدوري الأمريكي، مع فريق جديد لم يترك بعد أي بصمة في البطولة، وقد يكون ما تبقى من مسيرته مع كرة القدم، مجرد لمحات فنية هنا وهناك، بعيدا عن المنافسة على الألقاب أو الكرة الذهبية التي امتلأت خزائنه منها ولا حتى جائزة الأفضل التي يقدمها الاتحاد الدولي لأفضل لاعب في الموسم وغيرها الكثير من الجوائز التي حطم كل الأرقام في جمعها ووضعها في خزائن كثيرة قد تتحول إلى متحف يشهد على موهبة هذا النجم الكبير ومهاراته في ملاعب الكرة.
خرج ميسي وكريستيانو رونالدو من القارة الأوربية التي تعد مهد البطولات الكبيرة والتنافس المثير، قبل أن نشهد على ولادة موهبة تقترب من فنونهما وثبات مستواهما وتكرار تحطيم الأرقام والتنافس الرائع في الملاعب وخارجه، وقد ننتظر طويلا قبل أن يظهر ميسي أو رونالدو جديد، وحتى ذلك الوقت سنكتفي بما هو متاح من لاعبين يركزون على المال.. أكثر بكثير مما قد يقدموه على الأرض، وترك إرث يستحق أن تتحدث عنه الأجيال.