قد يكون الأمريكيون أفضل من يبيع الحلم والخيال والحب، وأجمل وأرق الحكايات والأفلام الرومانسية.. لكنهم آخر من يتعامل بهذه الرومانسية فى كل شؤون حياتهم من السياسة والسلاح إلى الرياضة وكرة القدم.
ولم يتعاقدوا مع ليونيل ميسى احتراما لموهبته وتاريخه، ولأنه الفائز بآخر مونديال ولقب الأفضل فى العالم؛ إنما كان ميسى وسيبقى بالنسبة لهم مجرد صفقة أجادوا حسابها وتحديد مكاسبهم منها.. ورغم محاولة الإسبان إغواء قلب ميسى ليمر إليهم من باب الشجن وذكريات المجد والحب مع برشلونة.. ومحاولة السعوديين إغراء عقل ميسى ليرحل إليهم من باب المال بأضخم عقد فى تاريخ كرة القدم.
فالأمريكيون هم الذين فازوا بالصفقة لأنهم قدموا لميسى المستقبل وليس الماضى ودون خسارة مالية فى النهاية.. وانتصرت الواقعية الأمريكية على الرومانسية الأوروبية والثروة العربية أيضا.
فالعرض الأمريكى تضمن حصة لميسى فى ملكية نادى إنتر ميامى عقب اعتزاله إن لم يقرر امتلاك ناد خاص به وحده فى لاس فيجاس.. كما أن ميسى من الآن ستكون له نسبة وفقا للتعاقد من اتفاق مؤسسة الدورى الأمريكى وشركة آبل الذى تبلغ قيمته مليارين ونصف المليار دولار.
ونسبة أيضا من أديداس ورعاة جدد محتملين ستغريهم مشاركة ميسى فى الدورى الأمريكى.. وإلى جانب المستقبل الذى بالتأكيد يشغل لاعبا اقترب من الاعتزال أكثر من الحديث عما كان فى برشلونة.. والمال غير المباشر الذى سيزيد بعد قليل عن العرض السعودى.. فالتاجر الأمريكى الشاطر صارح ميسى بأنه لن يبقى النجم الأول فى العالم إلا فى الولايات المتحدة فقط.
ففى أوروبا سيكون هناك نجوم أصغر يهتم بهم أكثر جمهور كروى ليس مولعا بالذكريات، وفى العالم العربى سيفقد ميسى بعد قليل اهتمام إعلام العالم مثلما جرى مع رونالدو.. لكنه فى الولايات المتحدة لن ينافسه أى لاعب آخر، كما أنه سيحظى باهتمام ومساندة الإعلام الأمريكى الأقوى فى العالم والذى لن يكتفى به كنجم كروى فقط إنما سيعيد اختراعه إعلام احترف صناعة وتسويق النجوم.
ويبقى السؤال المهم هو: لماذا حرص الأمريكيون على التعاقد مع ميسى؟.. فأمريكا بعد ثلاث سنوات ستنظم المونديال ومشاركة ميسى الكروية ستملأ مدرجات الملاعب الأمريكية، وسيقع أمريكيون جدد بمساندة الإعلام الأمريكى فى حب اللعبة.
ولم يقدم الأمريكيون على التعاقد مع ميسى إلا بعد إعداد دراسة جدوى حقيقية حافلة بالأرقام.. وتبين أن متوسط من سيحضرون كل مباراة لميسى سيبلغ قرابة 60 ألف متفرج.
ولهذا تقدمت أندية كثيرة فى الدورى الأمريكى بطلب عدم لعب مبارياتها مع إنتر ميامى على أرضها، لأن ملاعبها لا تتسع لأكثر من 20 ألفا فقط.. وهو ما يعنى زيادة دخل كل أندية الدورى الأمريكى سواء من بيع حقوق البث أو الرعاية وتذاكر المباريات أيضا.
أما نادى إنتر ميامى الذى سيلعب له ميسى فسيربح أكثر من باريس سان جيرمان الذى بلغت أرباحه مع ميسى 700 مليون يورو، وبالتسويق الأمريكى سيتضاعف هذا الرقم مع إنتر ميامى.