بشكل لا يتناسب أبدا مع موسمه الرائع الذي اختتمه بالتتويج بالكرة الذهبية، غاب كريم بنزيما عن حلمه الكبير بالمشاركة في المونديال، والسير على خطى الكبار من حملة هذه الكرة، في إثبات الحضور بعرس كرة القدم الأكبر على وجه الأرض.
مرت مسيرة بنزيما الدولية بالكثير من المطبات، وبدأ أولى معاركه مع المدرب السابق دومينيك الذي قرر بشكل مفاجئ استبعاد النجم الجزائري الأصل من التشكيلة الذاهبة إلى جنوب إفريقيا لخوض مونديال 2010، ولم يجد المدرب المثير للجدل والمتهم بـ (التمييز) ضد اللاعبين الأفارقة أي عذر لاستبعاد واحد من نجوم ريال مدريد إلا بادعاء انخفاض المستوى، والابتعاد عما يثار بأن اللاعب الشاب (متعجرف) وذلك من بعض زملائه في الفريق.
لم يأبه بنزيما للانتقادات، وعاد لارتداء قميص المنتخب وتألق في التصفيات التي أوصلت فرنسا إلى مونديال البرازيل 2014، وحضرت نجوميته بقوة بتسجيله 3 أهداف وصناعة مثلها قبل الخروج على يد ألمانيا في الدور ربع النهائي، لكن ما تلى ذلك كان مأساة حقيقية عندما دخل طرفا في قضية زميله فالبوينا، والتي أنهت حضوره مع الديوك في مونديال روسيا، الذي أضاع عليه حلما كان باليد عندما توجت فرنسا بثاني ألقابها بتاريخ المونديال.
رغم اقترابه من عمر الـ 37، كان بنزيما يقدم موسما رائعا مع ريال مدريد توّجه بالفوز بلقب الدوري وقيادته لاستعادة كأس أبطال أوروبا في موسم استثنائي، منحه بكل جدارة الكرة الذهبية التي حلم بها كثيرا، وبات حلمه القادم العودة لتشكيل منتخب فرنسا والمشاركة في كأس العالم بعد غياب دام 8 سنوات.
الجمهور الفرنسي عقد آمالا كبيرة على بنزيما، خاصة مع وجود نخبة من النجوم القادرين على العودة بالكأس من جديد، لكن الإصابة التي تعرض لها خلال معسكر الفريق في قطر، كانت القشة التي قصمت ظهره وهو في الطريق إلى تحقيق حلمه، ورغم أن التشخيص الأول بين أن الإصابة ليست خطيرة وتحتاج إلى أيام قليلة للتعافي، لكن قرار ديشامب كان باستبعاده دون منحه فرصة التعافي، واللعب في الأدوار المتقدمة، نظرا لحاجة الفريق إلى نجم بخبرته وحضوره القوي.
في الأخبار المتداولة، عبر طبيب المنتخب الفرنسي عن أسفه من الطريقة التي أبلغ فيها بنزيما بقرار الرحيل، بحضور المدرب ديشامب الذي اكتفى بالاستماع للقرار دون أن ينبت ببنت شفة، بل وكان أسلوب الطبيب مبالغا فيه بالطلب من بنزيما الرحيل فورا، وهو ما فعله ليعود إلى ناديه ريال مدريد ويتعافى من الإصابة خلال أسبوع ليتدرب بشكل طبيعي مع فريقه، ورغم عدم استبداله بلاعب آخر لم تتم دعوته للأدوار الإقصائية ولا حتى المباراة النهائية لتسلم ميداليته أو الفرحة مع زملائه بالكأس الذي ذهب أخيرا للأرجنتين.
الأمر لم يخل من توجيه أصابع الاتهام للمدرب ديشامب واتهامه بـ (التمييز) خاصة وأن بنزيما لم يأت على ذكره في حفل تسلم الكرة الذهبية وصب كلماته المؤثرة في خانة مدربه الحالي أنشيلوتي والسابق زين الدين زيدان، وهو أمر لم يتخطاه ديشامب، فتحين الفرصة للتخلص من (اللاعب المزعج)
يبدو أن ديشامب (أجبر) على استدعاء بنزيما للمنتخب رغم كل ما قيل عن قضية فابولينا، وعدم منحه التقدير اللازم في حفل الكرة الذهبية، وهو ما فسر لاحقا بعدم الاستعانة بنجم الدقائق الأخيرة وملك الكرات الهوائية والتسديدات القاتلة، فكان قراره الاعتماد فقط على أوليفيه جيرو كمهاجم وحيد، وإغلاق صفحة بنزيما، الذي اختار طي سجله بالكامل مع منتخب الديوك وكتابة السطر الأخير معهم للأبد.
قد يكون ريال مدريد الأكثر سعادة بهذا الخبر، حيث يحتاج من نجمه التركيز في المرحلة المقبلة والتي سيكون فيها حسم لقب الأبطال والاستمرار بالمنافسة على باقي البطولات المحلية والذهاب نحو كأس العالم للأندية الذي اعتاد الفريق الظفر به، ومنح لاعبه راحة نفسية بعد المعاناة الطويلة التي تسبب بها منتخب بلاده..والمدرب ديشامب على حد سواء.