د. محمد النظاري
من يعتقد بأن الرياضة هي رجز من عمل الشيطان، أو أنها مجرد لهو ينبغي تحريمه، أو ضياع للوقت والمال.. فما عليه إلا النظر والتمعن في السيرة النبوية الشريفة، ليجد بأن رسولنا الكريم صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، حث على الرياضة ومارسها ليكون قدوة حسنة لنا في هذا الميدان . قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «ما تشهد الملائكة من لهوكم إلا الرهان» والرهان هو المسابقة بين الخيل، والنصال هو الرمي بالقوس والسهم. ولقد كان سباق الخيل ومشاهدته الممتعة من الأمور التي تثير المشاعر البهجة وتضفي السرور، لهذا حرص الرسول الكريم عليها . قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «كل شيء ليس من ذكر الله فهو لهو إلا أربع خصال: مشي الرجل بين الغرضين، وتأديبه فرسه، وملاعبته أهله، وتعلمه السباحة» والمشي بين الغرضين يقصد به التحرك ما بين هدفي الرمي بالقوس وتأديب الفرس بمعنى تدريبه وتعليمه. وفي هذا الحديث الشريف يشير الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إلى اللهو (الترويح) الحلال الذي يؤجر عليه المسلم… وفي ذلك إشارة واضحة للقيم الترويحية للرياضة، والتي يتصور البعض أنها، أي الرياضة، إنما جعلت للمنافسة فقط. إننا اليوم نتعرض لعدوان دمر كل شيء في بلادنا ولم يترك شيئاً إلا أتى عليه.. ولهذا فإن الرياضة الجسدية فيها تقوية للبدن ليس فقط على ممارسة الرياضة ، بل للدفاع عن النفس والعرض والوطن، فقط ربط الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بين بعض الأنشطة الرياضية وبين الجهاد لإدراكه أهمية الإعداد البدني والمهاري في المعارك الإسلامية التي تخاض بقصد الجهاد في سبيل الله، فقد أكد أشد التأكيد على تلك الرياضات التي تخدم أهداف الجهاد ومقوماته كالرمي بالقوس والنبل، وركوب الخيل، وأوضح ثواب ذلك للمسلم . وجاء في السنن عن عقبة بن عامر، قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: «إن الله يدخل بالسهم الواحد ثلاثة أنفار الجنة، صانعه المحتسب في عمله الخير، والرامي به، والممدد به »، وفي لفظ آخر: « ومنيله، فأرموا واركبوا، وأن ترموا أحب من أن تركبوا، كل لهو باطل، ليس من اللهو محمود إلا ثلاثة: تأديب الرجل لفرسه، وملاعبته أهله، ورميه بقوسه ونبله، إنهن من الحق ومن ترك الرمي بعد ما علمه رغبة فإنها نعمة تركها، (أو قال: كفرها)».. وهذا دليل على تربية الرسول لأصحابه على الرياضات التي تكون عونا لهم على عدوهم . لم يكن موقف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الرياضة مجرد الحث والترغيب في دفع المسلمين على ممارستها، ولم يكتف بتوضيح أدوارها في الجهاد في سبيل الله وثواب ذلك عند الله عز وجل، وإنما أعطانا القدوة والمثل في ذلك فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه مارس الرياضة بنفسه في وقائع عديدة ثابتة في سنته المطهرة. وقد جاء في صحيح البخاري عن سلمة بن الأكوع قال: مر النبي صلى الله عليه وآله وسلم على نفر من أسلم ينتضلون بالسوق، فقال: « ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان رامياً، ارموا وأنا مع بني فلان » قال: فأمسك أحد الفريقين بأيديهم فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: « ما لكم لا ترمون؟ » قالوا: كيف نرمي وأنت معهم؟، فقال: « ارموا وأنا معكم كلكم »… لقد أحسن د. أمين الخولي حينما كتب كل ذلك وأوضح أهمية الرياضة في السنة المطهرة، والتي دعت بصراحة إلى أهمية ممارسة الرياضة ، وحثت المسلمين إليها، وفي هذا رد كاف على كل من يقول بتحريم الأنشطة الرياضية، وأنها مضيعة للوقت والمال .. إن اتجاه الأندية والاتحادات الرياضية لإحياء المولد النبوي الشريف، بإقامة المسابقات والفعاليات الرياضية هو شيء جميل، وهنا ندعو طلاب و شباب ورياضيي مدينة رداع للمشاركة في سباق الماراثون المصغر، والذي يقيمه قسم التربية الرياضية بجامعة البيضاء، بمناسبة المولد النبوي الشريف، ونشيد بتفاعل الجامعة وتخصيصها لجوائز قيمة للفائزين بالسباق..