قسونا..كما قسى معظم النقاد الرياضيين على الفرق الإيطالية، واتهمنا هذه الكرة بالوصول إلى خريف العمر، بعد خروج الآزوري المذل من تصفيات كأس العالم، والتراجع الحاد في أرقام الكالتشيو، والغياب شبه التام للاعب الإيطالي النجم في فرق الدوريات الكبرى وخاصة الإنجليزي والإسباني.
الخسارة المزدوجة لممثلي إيطالي في دوري الأبطال بذهاب ربع النهاي، منحتنا الكثير من الأسباب التي تدعونا للقلق على مستقبل الفرق الإيطالي، والخشية على انتهاء الإرث الكبير لها في التنافس ببطولات النخبة، والمطالبة بإعادة التفكير بعدد الفرق الإيطالية التي يسمح لها باللعب في عروس أوروبا.
لكن ما حدث في مباراتي الرد، والروح الإيطالية الوثابة، التي حولت روما ومن بعده يوفنتوس إلى فريقين شابين، يمتلكان قلبا من حديد، يجعلنا نرفع القبعة لهما، ونتقدم من كل الطليان باعتذار علني عن كل ما قلنا، وما سنقول، فيما لو تكرر سيناريو الذهاب.
قدم روما مباراة مثالية على أرضه أمام العملاق الكتالوني، ويبدو أن مدربه دي فرانشيسكو قضى أيامه ولياليه يدرس خصمه، ويضع الخطط التي من خلالها ستوصله إلى الريمونتادا (المستحيلة) وحدد عوامل السيطرة على مفاتيح الخطر البرشلونية، وطريقة الفتك بدفاعاتهم التي بدت هشة للغاية، والتركيز على الخاصرة اليمنى التي أدمت الجسد الهزيل، فأطلق رصاصاته الثلاث، وكان بالإمكان الخروج بنتيجة تاريخية لولا براعة حارس البارسا تير شتيجن، الذي كان أفضل لاعب في فريقه رغم الأهداف التي تراقصت في شباكه.
وبعد يوم واحد فقط، وعلى أرض البيرنابيو التي تستعصي على الغزاة في دوري الأبطال، استلهم مدرب اليوفي اليجري، الإرادة من الجار روما، وأحكم خطته ببناء جدار صلب أمام مرمى بوفون، والانطلاق بهجمات سريعة حقق من خلالها الثلاثية، وصمد حتى الثواني الأخيرة، التي انتهت بقرار الحكم بركلة جزاء، حسمت الأمور للفريق المدريدي، الذي لم يكن أمامه سوى التصفيق طويلا لخصمه الإيطالي.
مشكلة الكرة الإيطالية ليست فنية على الإطلاق، حيث أنجبت أفضل المدربين في عالم المستديرة، ولديها النجوم القادرين على صنع الفارق، لكن التغيرات الاقتصادية التي عصفت بإدارات الأندية وإمكانياتها، ساهمت في تراجع قدرة الأندية على الإنفاق، وشراء النجوم، وبالتالي تراجعت مداخيلها وقدرتها على التنافس مع كبار القارة العجوز.
ما قام به روما ويوفنتوس أمام العملاقين الإسبانيين، لا بد أن يحرك المياه الراكدة في الكرة الإيطالية، وأن يستفز القائمين عليها، نحو إعادتها لسابق أمجادها، والخروج من عنق الزجاجة التي خنق الكالتشيو..والآزوري معا.